إلا لله وحده ولا يتقى ولا يخشى إلا الله وحده لا الملائك ولا الأنبياء ولا غيرهم كان هذا تحقيقا للتوحيد.
ولم يكن هذا سبًا لهم ولا تنقصًا بهم ولا عيبًا لهم وإن كان فيه بيان نقص درجتهم عن درجة الربوبية فنقص المخلوق عن الخالق من لوازم كل مخلوق. ويمتنع أن يكون المخلوق مثل الخالق.
والملائكة والأنبياء كلهم عباد الله يعبدونه كما قال تعالى ﴿لَنْ يَسْتَنْكِفَ المَسِيحُ أنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ ولا المَلائِكَةُ المُقَرَّبُونَ﴾ [النساء].
وقال تعالى ﴿وقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ ولَدًا سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالقَوْلِ وهُمْ بِأمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أيْدِيهِمْ وما خَلْفَهُمْ ولا يَشْفَعُونَ إلَّا لِمَنِ ارْتَضى وهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ومَن يَقُلْ مِنهُمْ إنِّي إلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظّالِمِينَ﴾.
فإذا نفي عن مخلوق ملك أو نبي أو غيرهما ما كان من خصائص الربوبية وبين أنه عبد الله كان هذا حقا واجب القبول، وكان إثباته إطراء للمخلوق فإن دفعه عن ذلك كان عاصيا بل مشركا.
ولهذا قال النبي ﷺ"لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم فإنما أنا عبد الله فقولوا عبد الله ورسوله"(١).
فالله تعالى قد وصفه بالعبودية حين أرسله، وحين تحدى، وحين أسرى به فقال تعالى ﴿وأنَّهُ لَمّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ﴾ [الجن: ١٩].
وقال تعالى ﴿وإنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا﴾ [البقرة: ٢٣].
وقال تعالى ﴿سُبْحانَ الَّذِي أسْرى بِعَبْدِهِ﴾ [الإسراء].
وأهل الباطل يقولون لمن وصفهم بالعبودية إنه عابهم وسبهم ونحو ذلك.