وقال تعالى: ﴿فَإنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إلَهَ إلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ﴾ [التوبة].
وقال تعالى ﴿وإنْ يُرِيدُوا أنْ يَخْدَعُوكَ فَإنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وبِالمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال] إلى قوله ﴿يا أيُّها النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ ومَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال]؛ أي حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين كما قاله جمهور أهل العلم. ومن قال إن الله ومن اتبعك حسبك فقد غلط، ولم يجعل الله وحده حسبه بل جعله وبعض المخلوقين حسبه، وهذا مخالف لسائر آيات القرآن.
وقال تعالى ﴿ألَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ﴾ [الزمر: ٣٦] فهو وحده كاف عبده، وقال تعالى ﴿ومَن يَتَوَكَّلْ عَلى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق: ٣].
فلهذا قال تعالى ﴿وقالُوا حَسْبُنا اللَّهُ﴾ ولم يقل ورسوله ثم قال ﴿إنّا إلى اللَّهِ راغِبُونَ﴾ ولم يقل ورسوله بل جعل الرغبة إلى الله وحده كما قال ﴿فَإذا فَرَغْتَ فانْصَبْ وإلى رَبِّكَ فارْغَبْ﴾.
فالرغبة تتضمن التوكل وقد أمر أن لا نتوكل إلا عليه كقوله ﴿وعَلى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا﴾ [المائدة: ٢٣] وقوله ﴿إنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [النحل].
فالتوكل على الله وحده، والرغبة إليه وحده، والرهبة منه وحده.
ليس لمخلوق لا الملائكة ولا الأنبياء في هذا حق كما ليس لهم حق في العبادة ولا يجوز أن نعبد إلا الله وحده ولا نخشى ولا نتقى إلا الله وحده كما قال تعالى: ﴿إنَّما المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إذا ذُكِرَ اللَّهُ وجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وإذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إيمانًا وعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾.
فإذا قال القائل لا يجوز التوكل إلا على الله وحده، ولا العبادة