للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الأبْنِيَةَ ثابتة والروُحُ يُرَدُّ عَلَيْها، فكأنه عبارة عن تحديدِ وَصْفٍ مع ثبوتِ أَصْلِ الوُجُودِ والحياةِ، وإِنَّما هذا الوهْمُ كانَ يَتَأَتَّى لو قال: رَدَّ روحِي فيَّ، أو في جَسَدِي، أو: في الجسَدِ، وَإِذْ لم يقل، فارْتَفَعَ أَصْلُ السُّؤالِ، وبالله التوفيق.

ومن المؤكِّدِ لهذا المعنى قولهُ صلّى الله عليه وسلّم: «إن عيسى ابن مريم-عليهما السَّلامِ- مَارٌّ بالمدينة حاجاً أو مُعْتَمِراً، وإِن سَلَّمَ عَلَيَّ لأَرُدَّنَّ عليهِ» (١).

ومما يُؤكِّدُ ذلك قَوْلُ النَّاطِقِ بالصَّوابِ -المقولِ في حَقِّه: إنَّ الحقَّ لَيَنْطِقُ على لسانِ عمر بن الخطَّابِ (٢)

رضي الله عنه-: إِنَّ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم ما مَاتَ (٣)، وإِنَّما نفى ما يَعْلَمُ، وأَثْبَتَ ما يَعْلَمُ (٤).

فإن قيل: كيف الجَمْعُ بينه، وبين قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وإِنَّهُمْ


(١) ذكره الصالحي في سبل الهدى والرشاد ١٢/ ٣٥٧ وعزاه لأبي يعلى الموصلي.
ورواه ابن النجار في الدرة الثمينة ص ٢٢١ من طريق محمد بن الحسن بن زبالة، عن عبدالعزيز بن محمد، عن محمد بن يزيد، عن المقبري، عن أبي هريرة، مرفوعاً. ومحمد بن الحسن: كذبوه.
(٢) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه». أخرجه الترمذي، في المناقب، باب مناقب عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، رقم:٣٦٨٢، وأحمد ٢/ ٥٣،٤٠١، والحاكم ٣/ ٨٦ - ٨٧.

… قال الترمذي: وفي الباب عن الفضل بن عباس، وأبي ذر، وأبي هريرة، وهذا حديث حسن.
(٣) يشير المصنف-رحمه الله-إلى الحديث الذي أخرجه الترمذي في الشمائل برقم: ٣٩٩ وابن ماجه في السنن برقم: ١٢٣٤، والنسائي الكبرى برقم: ٧١١٩ في قصة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم -وفيه أن عمر بن الخطاب قال: (… لا أسمع أحداً يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض إلا ضربته بسيفي هذا …).
(٤) المعروف أن عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- قال هذا من شدة الصدمة-فلما جاء الصديق وكشف عن وجه الرسول الكريم-وعلم بموته أعلنها على الناس-وكان مما استدل به قول المولى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} فلما سمعها عمر بن الخطاب. أمسك عن القول وتراجع عما كان يدعو وينادي به.
انظر: القرطبي الجامع لأحكام القرآن ١٥/ ٢٥٤، فتح الباري ٧/ ٣٦.