للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مَيِّتُون} (١)، وأمثالِ ذلك من قول أبي بكر رضي الله عنه: مَاتَ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فالجَوَابُ من وجوهٍ:

الأول: أن الحَيَاةَ والمَوْتَ يُطْلَقَانِ في لِسَانِ العَرَبِ حَقِيقَةً ومَجَازاً، ولَفْظُ الحَقِيقَةِ يَخْتَلِفُ بِاعْتِبَارِ مَوَادِّهَا، وأَنْواعِ ما اسْتُعْمِلَتْ فيه، فَحَيَاةُ كلِّ ذي حَيَاةٍ على حسبِ اقتضاء ذاته، وما يَصِحُّ فيه إِطْلاقُ حَيَاتهِ، وكذلكَ مَوْتُه باعْتِبَارِ ما يَصْلُحُ فيه مَحَلاًّ وذاتاً وحالاً، فيحْتَاجُ الناظِرُ في ذلك إلى اسْتِعْمَالِ التَّحْقيقِ في لُغةِ العَرَبِ والنَّحْوِ والبَيَانِ والمَعَاني؛ لِيَتَلَخَّصَ له تَحْقِيقُ ما تُحْمَلُ عليه أَدِلَّةُ الأحْكَامِ.

قال الله تعالى: {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ} (٢).

وقال عزّ وجلَّ: {أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} (٣).

وقال الشاعر (٤):

الجَاهِلُونَ فَمَوْتَى قَبْلَ مَوْتِهِمُ … والعَالِمُونَ وإِنْ مَاتُوا فَأَحْيَاءُ

وقال آخر (٥):

لا تحسبن المَوْتَ مَوْتَ البِلَى … وإِنَّمَا المَوْتُ سُؤَالُ الرِجَالْ

كِلَاهُمَا مَوْتٌ، ولَكِنَّ ذَا … أشدُّ من ذَاكَ عَلَى كُلِّ حَالْ


(١) سورة الزمر آية رقم: ٣٠.
(٢) سورة البقرة آية رقم: ٢٨.
(٣) سورة غافر آية رقم: ١١.
نقل عن ابن عباس وابن مسعود وقتادة والضحاك في الآية كانوا أمواتاً في أصلاب آبائهم، ثم أحياهم، ثم أماتهم الموتة الأولى التي لابد منها في الدُّنْيَا، ثم أحياهم للبعث والقيامة. وقيل غير ذلك. انظر:: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي. ١/ ٢٤٨ - ١٥/ ٢٩٧.
(٤) لم أقف على قائل هذا البيت.
(٥) نسب الحافظ ابن عبد البر في كتابه بهجة المجالس ١/ ١٧٥. هذين البيتين لمحمود الوراق. باختلاف بسيط في الشطر الأخير من البيت الثاني.