للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

«إن هذا جبريل يُقْرِئُك السَّلامَ» فرَدَّت عليه السَّلامَ وقالت: يا رسول الله، إنك تَرَى مَالا أَرَى (١).

وهذا الإِقْبَالُ يكونُ عامّاً شاملاً، حتى لو كان /١٦ المُسَلِّمون في كل لمحة أكثرَ من ألفِ ألفِ ألفٍ لَوَسِعَهُمْ ذلك الإقْبَالُ النَّبَوِيُّ والالْتفَاتُ الروحانيُّ؛ لأن حالَ النبي صلّى الله عليه وسلّم في عَالَمِ البَرْزَخِ أَفْضَلُ وأَعْلَى وأَكْمَلُ مِنْ حَالِ الْمَلائِكَةِ الْمُقَرَّبينَ (٢)، أَمَا إِنَّ عِزْرَائِيلَ (٣) يَقْبِضُ مائَةَ ألفِ رُوحٍ في وقتٍ واحدٍ من غير مُزَاحَمَةٍ، ولا يَشْغَلُه قبضٌ عن قبضٍ، وهُوَ مع ذلك كُلِّهِ مُشْتَغِلٌ بعبادة الله تعالى مُتَوجِّهٌ على التَّسْبِيحِ والتَّقْدِيسِ (٤)، فافهم ذلك.

أو يقالُ: ليس في الحديث ما يُوهِمُ أنَّهُ ثَمَّ مَوْتٌ حاصِلٌ؛ لأن قوله صلّى الله عليه وسلّم: «رَدَّ الله عليَّ رُوحِي» (٥) بِحرفِ الاسْتِعْلاءِ، فيه بيانٌ ظاهِرٌ، وتبيان حاضِرٌ؛ لأن


(١) متفق عليه، من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أخرجه البخاري، في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب فضل عائشة رضي الله عنها، رقم: ٣٧٦٨، ومسلم في فضائل الصحابة، باب فضائل عائشة رضي الله عنها، رقم:٢٤٤٧.
(٢) عن المفاضلة بين الملائكة والأنبياء انظر: الجامع لأحكام القرآن ١/ ٢٨٩ حيث قال: … ولا طريق إلى القطع بأن الأنبياء أفضل من الملائكة، ولا القطع بأن الملائكة خير منهم، لأن طريق ذلك خبر الله تعالى وخبر رسوله أو إجماع الأُمَّةِ، وليس هاهنا شيء من ذلك، وقد توقف القرطبي في المسألة كما هو حال بعض العلماء إلا أن البعض- وهم الجمهور-قالوا بأن الأنبياء والصالحين أفضل من الملائكة، أما المعتزلة فيفضلون الملائكة. انظر: عن أدلة كل فريق، وترجيح قول الجمهور مجموع الفتاوى ١١/ ٣٥٠، و شرح العقيدة الطحاوية ص ٣٣٨.
(٣) الذي دل عليه الدليل: أن الملك الموكل بقبض الأرواح هو (ملك الموت) عليه السلام، وأما تسميته بعزرائيل فلا أصل له يعتمد عليه، خلافاً لما اشتهر بين الناس، ولعله من الإسرائيليات.
(٤) المواهب للقسطلاني ٤/ ٥٨٥.
(٥) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، تقدم تخريجه قبل صفحتين.