للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ولما اتَّضحَ ما ذكرناه أنه أَشْرَفُ الخلقِ وأَكْمَلُهُمْ على الله سبحانه، وأنَّ كَمَالاتِه في جميع حالاته أَكْمَلُ وأَتَمُّ، وأَجْمَلُ وأَفْضَلُ من جميع كمالاتِ الكاملين في حالاتهم، وحياةُ الأنبياء في القبور ثابتةٌ معلومةٌ (١) بدلائلَ تقدَّمَتْ، وقد صنَّفَ النَّاسُ فيها مُصَنَّفاتٍ (٢)، فينبغي أن تكون حياتُه صلّى الله عليه وسلّم أكملَ وَأتَمَّ من حياة سائرهم.

فإن تَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ ولم يتَّضِحْ له معنى قولِه صلّى الله عليه وسلّم: «ما مِنْ مُسَلِّمٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إلا رَدَّ الله تعالى عَلَيَّ رُوحِي حتى أَرُدَّ عليه» (٣)، وقال: لوكان الحياةُ مستمرَّةً ثابتةً لمَا كان لِرَدِّ الروح مَعْنَى.

فالجواب عنه واضح إن شاء الله تعالى (٤)، وهو أن يقال: إنَّ هذا خِطابٌ


(١) أخرج البزار في مسنده (كما في كشف الأستار عن زوائد البزار ٣/ ١٠٠ رقم: ٢٣٣٩).
«الأنبياء أحياء يصلون في قبورهم» وقد تتبع الشيخ الألباني طرق هذا الحديث-ثم
قال: (هذا وقد كنت برهة من الدهر أرى أن هذا الحديث ضعيف لظني أنه مما تفرَّدَ
به-ابن قتيبة-ولم أكن قد وقفت عليه في مسند أبي يعلى و أخبار أصبهان فلما وقفت على إسناده فيهما تبين لي أنه إسناد قوي. انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم الحديث: ٦٢١. وانظر: سبل الهدى والرشاد ١٢/ ٣٥٥ - ٣٦٦، والخصائص الكبرى للسيوطي (٢/ ٢٨٠).
(٢) وممن ألَّف فيها: البيهقي في كتابه: حياة الأنبياء في قبورهم، وقد طبع في مصر سنة: ١٣٤٩ هـ. وطبع أخيراً بتحقيق: أحمد عطية الغامدي، المدينة المنورة، مكتبة العلوم والحكم، ١٤١٤ هـ، ١٣٦ ص.
(٣) أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، في المناسك، باب في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وزيارة قبره، رقم:٢٠٣٤، وأحمد ٢/ ٢٢٧، والطبراني في الأوسط ٣/ ٣٨٥ - ٣٨٦، والبيهقي في السنن ٥/ ٢٤٥.

قال الحافظ في الفتح ٦/ ٢٧٩: رجاله ثقات. وانظر: كشف الخفا ٢/ ١٩٤، المقاصد الحسنة ص ٥٨٧، تمييز الطيب من الخبيث ص ١٦٧. وذكر في التلخيص الحبير ٢/ ٢٦٧ أن أصح ماورد في هذا الباب هو هذا الحديث.
(٤) ليس هناك إشكال، وإنما نؤمن بما أخبر به نبي الله صلى الله عليه وسلم بأنه عند السلام عليه تُرَدُّ عليه روحه حتى يرد السلام.