للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فإن اعتذر بشبهةٍ قد صَعُبَ عليه إزاحتُها، وشكوكٍ فَسَحَتْ له عن جواز تلك المقالة وإباحَتِها، كما يُعلِّلُ المُتعلِّلُ المذكورُ في تقبيح المقال، بِحديث: «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ» (١)

قيل له: قد تقرَّرَ في علم الأصول الذي هو مَثارُ الحجج، ومعيارُ البراهين،

المَصُونُ عن الزَّيْغِ والعِوَج (٢)؛ أنه ليس لأحد استقباحُ حكم عن دليل حتى يُحْكِمَ نظرَه فيه، وأنه إذا أجمع أهلُ العصر الأول على فهْمِ حديثٍ أو آيةٍ، فليس لمنْ بعدهم مُخالفة ذلك (٣)، فكيف بإجماع الأعصار من لَدُنِ الصحابةِ رضي الله عنهم وهَلُمَّ جَرّاً (٤)؟.

ثم إن الخواطرَ والهواجسَ، والأوهامَ والوساوسَ، من الفكرِ العقلي


(١) جزء من حديث متفق عليه، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لاتشد الرحال إلا إلى ثلاثة: المسجد الحرام، ومسجد الرسول، ومسحد الأقصى.

… أخرجه البخاري، في فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، برقم:١١٨٩،٣/ ٥٧٦، ومسلم، في الحج، باب لاتشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، رقم:١٣٩٧،٢/ ٦٠١٤.
(٢) المصون عن الزَّيغ والعوج هو القرآن الكريم، وأما الأصول فلا يطلق عليها هذا التعبير ولا قريباً منه، لأنَّها قواعد وبراهين يتطرق إليها من الاعتراضات والمناقضات ما يتطرق لغيرها من العلوم الاجتهادية.
(٣) شرح الكوكب المنير لابن النجار ٢/ ٢٥٨.
(٤) ليس هناك إجماع على مشروعية شد الرحال لقبر النبي صلى الله عليه وسلم في عصر الصحابة بل الأمر على خلافه فضلاً عن دعوى الإجماع من لدن الصحابة رضي الله عنهم وهلّم جرا، كيف يتصور إجماع على خلاف ماصح النهي عنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. والإجماع حاصل في السلام على الوجه المشروع بأن يسافر للمسجد النبوي أولاً ثم يسلم على النبي وصاحبيه رضي الله عنهما.
ولقد فهم الصحابة رضي الله عنهم أن النهي عن السفر إلى غير المساجد الثلاثة داخل في النهي كما جاء في النهي عن السفر إلى طور سيناء، وانظر تفصيل ذلك في (الصارم المنكي) ص ٣٤٢.