للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والخيالِ النفسي، في كتاب الله تعالى وسُنَّةِ نبيه صلّى الله عليه وسلّم وكلامِ العلماء، ليس كلُّها يُتَّبَعُ، ولا على جميعها يُعَرَّجُ، بل قد يكون بعضُها ضَلالاً وجَهْلاً، وبعضها يكون جُحوداً وكُفْراً، وبعضُها فِسْقاً وعِصْياناً، وبعضها لَغْواً وهذَياناً، فلا يَنبغي لمن وقعَ له أو من سَمِعَ منه أن يُقْبِلَ عليه بقول حتى تَشْهَد له القواعد الإيمانيةُ، ويُوافقَ على صِحَّته الشواهدُ القرآنيّة، وليست العصمةُ إلا للأنبياء والمرسلين، فيثبت على هذا المنهج القويم، والصراط المُسْتقيم، وكُلٌّ مأخوذٌ من قوله ومتروكٌ إلا صاحبَ هذا القبر الكريم (١).

ثم نقول: إن الأنبياء والمرسلين، الذين هُمْ خَوَاصُّ عبادِ الله الأكرمين، وكُلُّ من اصْطفاه الله تعالى وأصْفاه، وقرَّبه وأدناه، وشرَّفه وزكَّاه، وأسماه (٢) في مراقي القُرْبِ وأعلاه، وأَثْواه في سُرادِقات (٣) الخُصوص وآواه، هم بَشَرٌ لا كالأبْشَارِ، كما أن الياقوتَ حجرٌ لا كالأحجارِ، أهلُ الشَّرَفِ الأسنى، والزُّلْفَةِ والحسنى، وكذلك تُبَّاعُهُم (٤) من الصديقين، والأولياء المتقين، والشهداءِ والصالحين، والأتقياءِ الأبرار من المؤمنين والمسلمين، فحالُ هؤلاء كلِّهم على حسب درجاتِهم عند ربِّهم بعد الموت، أشرفُ وأكملُ، وأعلى وأفضلُ، مما كان قبل ذلك.

فأما النبيون فليسوا كغيرهم، وإنَّما هم ينتقلون من الكاملِ إلى الأكمل،


(١) هذا كلام عظيم، ولكن ليس فيه دلالة على مايرمي إليه المؤلف من إيجاب الزيارة، وشد الرحال، بل المانعون اعتمدوا على نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فكيف يكون مانهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم مشروعاً عن كونه واجباً؟.
(٢) أسماه: أعلاه. القاموس (سمو) ص ١٢٩٦.
(٣) السُّرادق: الذي يُمَدُّ فوق صحن البيت. السابق (سردق) ص ٨٩٣، ومعنى أثواه: أنزله وأضافه.
(٤) التُّبَّاع: جمع، ومفرده: التابع، بمعنى: التالي. اللسان (تبع) ٨/ ٢٧.