للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقد أفتى فقهاءُ الأندلسِ بقتل من سَمَّاه في أثناء مُناظرته يتيماً، وخَتَنَ حَيْدَرَة (١)، وقتلِ مَنْ زَعَمَ أن زُهده لم يكن عمداً، وإنَّمَا لم يَجد، ولو قَدَر على الطَّيِّبَاتِ لأكلها (٢).

فلا يَسْتَهْوِكَ الشيطانُ (٣) في أمرِ الزِّيارةِ بشبهة يُوردُها لك، فيزيغَ بِكَ عن سواءِ الطَّريقِ، ويُضِلَّكَ عن منهجِ أَرَبِ التصديقِ، وإن عَرَضَ لك شيء من الهواجسِ، وعَرَضَ الشيْطانُ بِخَطَرَاتٍ من تلك الوساوسِ، فاذْكُرْ قدْرَ نبيِّكَ الكريم (٤)، وشأنَه العظيم، واستعذْ بالله من الشيطان الرجيم، {إنَّ الذِينَ اتَّقَوْا إذَا مَسَّهُم طَائِفٌ مِنَ الشَّيطَانِ تَذَكَّرُوا فَإذَا هُمْ مُبْصِرُونَ، وَإخْوَانُهُم يَمُدُّونَهُمْ في الغَيِّ ثُّمَ لا يُقْصِرُونَ} (٥).

واعلم أَنْ لو قال قائل: فلان لا تنبغي زيارتُه، كان ذلك بلا شكٍّ تنقيصاً وازدراءً بلا امْتراءٍ، لا سيما إذا كان ذلك /١٠ المذكور من أهل القَدْر والشرف (٦)، وكلما كان المذكور أنبلَ، كان القول فيه أهول.


(١) الختَنُ: كلُّ من كان من قِبَل المرأة كالأب والأخ. القاموس (ختن) ص ١١٩٣ فمعنى (ختَن حيدرة) أي: والد امرأته، وحيدرة: لقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
(٢) الشفا ص ٢/ ٩٤٠. وذكر القاضي عياض أن الذي سمّى النبي صلى الله عليه وسلم أثناء مناظرته يتيماً .. ، هو ابن حاتم المتفقه الطليطلي.
(٣) أي: لايحملك على اتباع الهوى. انظر: المفردات للراغب ص ٨٤٩.
(٤) إن قدر النبي صلى الله عليه وسلم عظيم، وماساقه المصنف فيه بيان قدره صلى الله عليه وسلم بل هو عين الامتثال لأوامره وعين الانتهاء عن نواهيه، وهذا لايستلزم البتة انتقاصها؛ إذ الانتقاص من شأن الرسول صلى الله عليه وسلم كفر-أعاذنا الله منه-.
(٥) سورة الأعراف آية رقم: ٢٠١،٢٠٢.
(٦) مقياس الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم هو في اتباعه صلى الله عليه وسلم، وقول القائل: لاينبغي زيارته إذا كان على سبيل الانتقاص فهذا كفر، وإذا كان المراد: لاتجب زيارة القبر بل ولاتشرع، فهذا حق لاانتقاص فيه ولاازدراء.