للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه السلام ويصلي عليه المسلمون ... ثم يكون خراب الكعبة على يدي ذي السُّوَيْقَتين بعد هذا" (١) ا. هـ.

وقد يقال إن الأحاديث التي فيها استحلال البيت وهدم الكعبة وخرابها تخالف قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} (٢).

وقد حبس الله سبحانه وتعالى عن مكة الفيل، ولم يمكن أصحابه من تخريب الكعبة وهي لم تكن آنذاك قبلة، فكيف يسلط عليها الحبشة بعد أن صارت قبلة المسلمين؟

فالجواب على ذلك أن يقال: إن الله سبحانه وتعالى جعل الكعبة البيت الحرام آمنًا إلى قرب قيام الساعة، وخراب الدنيا حينما لا يبقى في الأرض من يقول الله كما جاء في حديث أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله الله" (٣). وليس في الآية ما يدل على استمرار الأمن المذكور فيها، وقد حدث القتال في مكة مرات عديدة وأعظم قتال وقع ما حصل من القرامطة (٤) في القرن الرابع الهجري


(١) النهاية في الفتن والملاحم (١/ ٢٠٣، ٢٠٤).
(٢) سورة العنكبوت آية (٦٧).
(٣) أخرجه مسلم: كتاب الإيمان، باب ذهاب الإيمان آخر الزمان (١/ ١٣١).
(٤) القرامطة: هم طائفة من الباطنية أتباع حمدان القرمطي، رجل من أهل الكوفة دعا الناس إلى المذهب الباطني فضلّ بسببه خلق كثير وكان أول ظهورهم في عام ٢٨١ هـ في خلافة المعتضد، ولهم أعمال شنيعة مخزية، وأعظمها ما وقع منهم سنة ٣١٧ هـ حيث هاجموا الحجاج وقتلوا المسلمين في الحرم واستباحوا دماءهم وأموالهم وهدموا قبة زمزم وقلعوا باب الكعبة والحجر الأسود ونقلوه إلى بلادهم ومكث عندهم اثنتان وعشرون سنة حتى أعيد سنة ٣٣٩ هـ على يد أبي إسحاق إبراهيم بن محمد المزكي النيسابوري رحمه الله تعالى.
اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (ص ٧٩) ومقالات الإسلاميين (١/ ١٠٠) والبداية والنهاية (١١/ ٢٥٠).

<<  <   >  >>