للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه على زيارة ربِّهم، ويتجلَّى لهم فيه. ويوم الجمعة يُدعى في الجنَّة يومَ المزيد، ويوم الفطر والأضحى يجتمع أهل الجنة فيهما للزيارة. ورُوي أنَّه يشارك النساءُ الرجالَ فيهما، كما كن يشهدن العيدين مع الرجال دون الجمعة. فهذا لعموم أهل الجنة، فأمَّا خواصُّهُم فكُلُّ يومٍ لهم عيدٌ يزورون ربِّهم كُلَّ يوم مرتين؛ بُكرةً وعشيًا.

الخواصُّ كانت أيامُ الدُّنيا كلُّها لهم أعيادًا، فصارت أيامهم في الآخرة كلُّها أعيادًا.

قال الحسن: كُلُّ يوم لا يُعصَى الله فيه فهو عيد، كُلُّ يومٍ يقطعه المؤمن في طاعة مولاه وذكرِه وشكرِه فهو له عيد.

أركان إسلام التي بُني الإسلام عليها خمسةٌ: الشهادتان، والصَّلاة، والزَّكاة، وصِيامُ رمضان، والحجُّ. فأعياد عموم المسلمين في الدنيا عند إكمال دور الصلاة، وإكمال الصيام، والحج، يجتمعون عند ذلك اجتماعًا عامًّا. فامَّا الزَّكاة فليس لها وقتٌ معين لِيُتَّخَذَ عيدًا، بل كُلُّ مَن ملك نصابًا فَحَوْلُه بحسَبِ مُلْكِه. وأمَّا الشهادتان فإكمالُهما يحصُلُ بتحقيقهما والقيام بحقوقهما؛ وخواصُّ المؤمنين يجتهدون على ذلك في كُلِّ وقتٍ، فلذلك كانت أوقاتهم كلُّها أعيادًا لهم في الدنيا والآخرة، كما أنشَدَ الشِّبْليُّ:

عيدِي مقيمٌ وعِيدُ الناسِ منصرفُ … والقلْبُ منِّي عن اللذَّات منحرِفُ

ولي قَرينان ما لي منهما خَلَفٌ … طولُ الحنين وعينٌ دمعُها يكِفُ

ولمَّا كان عيدُ النَّحْر أكبرَ العيدين وأفضلَهما، ويجتمع فيه شرفُ المكان والزمان لأهل الموسم، كانت لهم فيه معه أعيادٌ قبلَه وبعدَه؛ فقبلَه يومُ عرفة، وبعدَه أيَّامُ التشريق. وكُلُّ هذه الأيَّام (١) أعيادٌ لأهل الموسم، كما في حديث عقبة بن عامر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال:


(١) في ب، ط: "الأعياد".

<<  <   >  >>