للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن الخلاف في الصورة التي ذكر المؤلف؛ أن يشتري سلعةً بثمن، ثم ينقده جزء منها، ويقول له: إن أخذت هذه السلعة فهذا المبلغ المقدم يكون جزء من ثمنها، وإذا لم آخذ السلعة فهو لك.

فإذا أخذ البائع هذا المبلغ فيما إذا لم يشتر المشتري السلعة، فسيأخذه دون عوض، والمعلوم أنَّ البيع مبادلة مال بمال، فالبائع يدفع السلعة، والمشتري يدفع ثمنها، إذن هناك عوض ومعوض، ولكن هنا دفع الأول عوضًا، ولا يقابله معوض، وهذا ما سيبينه المؤلف، وسنعرف الأدلة الواردة فيه.

وقوله: (فَجُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى أنَّه غَيْرُ جَائِزٍ): هم الأئمة أبو حنيفة (١)، ومالك (٢)، والشافعي (٣)؛ إذ قالوا لا يجوز بيع العربون؛ وذلك لأنَّه أخذ مال الغير دون عوض.

وقول المؤلف: (وَإنَّمَا صَارَ الْجُمْهُورُ إِلَى مَنْعِهِ؛ لأنَّه مِنْ بَابِ الْغَرَرِ وَالْمُخَاطَرَةِ): الحقيقة أنَّ الخلاف لم يكن كما ذكر المؤلف، والجمهور استدلوا بحديث الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - أنَّه نهى عن بيع العربون، وقد رواه الإمام مالك في "موطئه" (٤)، وأخرجه أحمد في "مسنده" (٥) - مع أنَّه لم يأخذ


(١) يُنظر: "النتف في الفتاوى"؛ للسُّغْدي (١/ ٤٧٢ - ٤٧٣)، حيث قال - في أنواع البيوع الفاسدة -: "والثّاني والْعشْرون: بيع العربان، ويقال: الإربان؛ وهو أن يشْتري الرجل السّلْعة فيدْفع إلى البائع دراهم على أنَّه إن أخذ السّلْعة كانت تلْك الدّراهم من الثّمن، وإن لم يأُخذ فيسترد الدّراهم".
(٢) يُنظر: "الشرح الصغير"؛ للدردير (٣/ ١٠٠)، حيث قال: "بيع العربان من أكل أموال الناس بالباطل؛ ويفسخ".
(٣) يُنظر: "تحفة المحتاج"؛ للهيتمي (٤/ ٣٢١)، حيث قال: "لا يصح بيع العربون".
(٤) حديث (٢/ ٦٠٩) (١)، قال ابن عدي في "الكامل في الضعفاء" (٥/ ٢٥٢): "يقال: إنَّ مالكًا سمع هذا الحديث من ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، ولم يُسمِّه لضعفه، والحديث عن ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب؛ مشهور، وضعَّفه الألباني في "المشكاة" (٢٨٦٤).
(٥) حديث (٦٧٢٣)، وقال الأرناؤوط: "إسناده ضعيف".

<<  <  ج: ص:  >  >>