للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَابْنُ سِيرِينَ (١)، وَنَافِعُ بْنُ الْحَارِثِ (٢)، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ (٣)، وَصُورَتُهُ: أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ شَيْئًا فَيَدْفَعُ إِلَى الْمُبْتَاعِ مِنْ ثَمَنِ ذَلِكَ الْمَبِيعِ شَيْئًا عَلَى أنَّه إِنْ نَفَذَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا كَانَ ذَلِكَ الْمَدْفُوعُ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْفَذْ تَرَكَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ الْجُزْءَ مِنَ الثَّمَنِ عِنْدَ الْبَائِعِ، وَلَمْ يُطَالِبْهُ بِهِ. وَإِنَّمَا صَارَ الْجُمْهُورُ إِلَى مَنْعِهِ؛ لأنَّه مِنْ بَابِ الْغَرَرِ وَالْمُخَاطَرَةِ، وَأَكْلِ الْمَالِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَكَانَ زَيْدٌ يَقُولُ: أَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَالَ أَهْلُ الْحَدِيثِ: ذَلِكَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -).

يُقال: العربان على وزن فعلان، ويقال: العربون على وزن فعلون، ويقال: أربون بإبدال العين همزة، وأربان، وهو معروف (٤)، وربما تعامل به عددٌ منا، فإذا أراد إنسان أن يشتري سلعة من إنسان، يدفع له جزء من المبلغ، ولنفترض أنَّه اشترى سلعة بعشرة آلاف ريال، فيدفع له مثلًا مائتين، ويقول هذا عربون يبقى عندك، وذلك ليطمئن البائع على بضاعته بأنَّ هذا المشتري صادقٌ، والمشتري يطمئن على أنَّه قد أمسك هذه البضاعة، وأصبحت محبوسة له.

فإذا ما مضى وقت، ولم يأتِ المشتري فهل هذا المبلغ - المائتين - يكون للبائع حقًّا له أو لا؟

هذا هو المراد الذي نعرفه نحن الآن، وهو جائز أنَّ الإنسان يشتري السلعة فيقدم جزءًا منها، ثم يأتي بعد ذلك فيكمل الجزء المتبقي من المال، هذا لا خلاف فيه.


(١) رواه ابن أبي شيبة (١١/ ٦٧١) عن ابن سيرين: "أنَّه كان لا يرى بأسًا أن يعطي الرجل العربون الملاح، أو غيره، فيقول: إن جئت به إلى كذا وكذا، وإلَّا فهو لك.
(٢) رواه عبد الرزاق (٥/ ١٤٧)، وابن أبي شيبة (١١/ ٦٧٢).
(٣) سيأتي تخريجه في الشرح.
(٤) يُنظر: "إصلاح المنطق"؛ لابن السكيت (ص ٢١٩)، حيث قال: "العربان والعربون، والأربان والأربون، ولا تقل الربون".

<<  <  ج: ص:  >  >>