العَمَلَ عِنْدَهُ بِالمَدِينَةِ لَمَّا وَجَدَهُ عَلَى الوَقْتَيْنِ فَقَطْ وَلَمْ يَجِدْهُ عَلَى الوَقْتِ الثَّالِثِ، أَعْنِي: الزَّوَالَ أَبَاحَ الصَّلَاةَ فِيهِ).
منع الأئمةُ الصلاةَ في هذه الأوقات عدا مالك بالنسبة لوقت الزوال، واستثنى الشافعي وقت الجمعة.
ومع ذلك ينقل عن الإمام مالك في يوم الجمعة أنه قال: "مَن لم يتأكد من وقت الزوال فلا مانع من ذلك، ومَن تأكد من ذلك فالنهي باقٍ ".
قوله: (وَاعْتَقَدَ أَنَّ ذَلِكَ النَّهْيَ مَنْسُوخٌ بِالعَمَلِ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَرَ لِلْعَمَلِ تَأْثِيرًا، فَبَقِيَ عَلَى أَصْلِهِ فِي المَنْعِ) (١).
وهذا هو الصحيح؛ أن العمل لا ينسخ الأحاديث الصحيحة الثابتة.
قوله: (وَقَدْ تَكَلَّمْنَا فِي العَمَلِ وَقُوَّتِهِ فِي كِتَابِنَا فِي الكَلَامِ الفِقْهِيِّ وَهُوَ الَّذِي يُدْعَى بِأُصُولِ الفِقْهِ).
أشار المؤلف إلى كتاب له في الأصول، وله مقدمة في أول هذا الكتاب عرض فيها بعض مسائل الأصول.
قوله: (وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَلَمَّا صَحَّ عِنْدَهُ مَا رَوَى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ القُرَظِيِّ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ يُصَلُّونَ يَوْمَ الجُمُعَةِ حَتَّى يَخْرُجَ عُمَرُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ خُرُوجَ عُمَرَ كَانَ بَعْدَ الزَّوَالِ عَلَى مَا صَحَّ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ الطُّنْفُسَةِ الَّتِي كَانَتْ تُطْرَحُ إِلَى جِدَارِ المَسْجِدِ الغَرْبِيِّ، فَإِذَا غَشِيَ الطُّنْفُسَةَ كلَّهَا ظِلُّ الجِدَارِ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ مَعَ مَا رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "نَهَى عَنِ
(١) يعني: من لم يرَ لعمل أهل المدينة أثر وقتة في الاحتجاج، وهم من سوى المالكية تمسك بإطلاق النهي عن الصلاة في تلك الأوقات المنهي عنها.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute