للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم لا نُنكِرُ أنَّ اللهَ تعالى لَطَفَ بهِ ونجَّاهُ بحُسنِ ظنِّهِ فيهِ، غيرَ أَنَّا ونبيِّنُ خطأَ فِعلهِ للعامِّي الذي إذا سمِع هذا قال: هذه عزِيمةٌ عظِيمةٌ ويقينٌ قويٌّ، ورُبَّما فضَّلَ حالَتَهُ علَى حالةِ موسى إذ هرَبَ منَ الحيَّةِ، وعلى حالةِ نبِيِّنا إذ مرَّ بِجِدارٍ مائل فهرْوَلَ (١)، وعلى حالةِ أبي بكرٍ الصدِّيق إذ سدَّ خروقَ الغارِ اتِّقَاءً للأذَى (٢).

وهيهَاتَ أن تعلُوَ مَرتَبةُ هذا المُخَالِفِ للشَّرعِ على مَرتَبةِ الأنبِياءِ والصدِّيقِين بما يُخايِلُ لهُ ظنُّهُ الفاسِد من أنَّ ما فَعَلهُ هو التوكُّل!

• وقد أخبرنا عنهُ أبو منصورٍ القزاز، قال: أنا أبو بكرٍ الخطِيبُ، قال: أخبرَنا إسماعيلُ بن أحمدَ الجبرِي، قال: نا محمدُ بنُ الحُسَين السُّلَمِي (٣)، قال: سمعتُ محمدَ بن عبدِ الله الفرغَانِي، قال: سمعتُ مؤمِّلًا المغازِلِي يقولُ: كنتُ أصحبُ محمَّدًا السَّمين، فسافرتُ معهُ ما بين تكرِيت والموصِل، فبينَا نحنُ في بَرِّية نسيرُ إذ زأرَ السَّبُعُ مِن قريب، فَجَزِعتُ وتغيَّرتُ، وظَهَر ذلكَ علَى صِفَتِي، وهَممتُ أن أُبادِرَ، فَضَبَطني وقال: يا مؤمِّل التوكُّلُ ها هنا لا فِي المسجِد الجامِع (٤).

قال المصنف قلت: لا يشكُّ فِي أنَّ التوكُّلَ يظهَرُ أثرُهُ عِند الشَّدائِد ولكِن ليسَ مِن ضَرُورَةِ صحتِهِ الاستِسْلَام للسَّبع فإنه لا يجوز.

• أخبَرنا عُمَر بنُ ظفرٍ، قال: أنا ابنُ السَّرَّاج، قال: أنا ابنُ عبدِ العزيز بن علي الأزجِي، قال: أنا ابنُ جهضمٍ، قال: نا إبراهِيمُ بنُ أحمد بن عليٍّ العطَّار، قال: قال الخوَّاص: حدَّثني بعضُ المشايخ أنه قيل لِعليٍّ الرَّازِي: ما لنا لا نراكَ مع أبي طالِبٍ


(١) تقدم تخريجه في الصفحة السابقة.
(٢) انظر: ما تقدم ٦٥٠.
(٣) في المغربية ومصادر الخبر: بعد السلمي قال: سمعت محمد بن الحسن البغدادي. وهو الخشاب، وقد سقط من النسخ.
(٤) أخرجه أبو نعيم في الحلية ١٠/ ٣٣٧ والخطيب في تاريخ بغداد ٥/ ٣٤٨.

<<  <   >  >>