للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

° ومرَّ بِحائِطٍ مائلٍ فأسرَع (١).

قال المصنِّفُ: وهذا الرَّجلُ قد أراد مِن طبعِه أن لَّا ينزَعِجَ، وهذا شَيءٌ ما سلِمَ منهُ موسَى ، فإنهُ لما رأى الحيَّةَ خافَ وولَّى مُدبرًا.

وإنْ صحَّ ما ذكرهُ وهو بعيدُ الصِّحَّة؛ لأنَّ طِباعَ الآدمِيين تَتَساوى، فَمَن قال: لا أخافُ السَّبعَ بِطبعِي، كذَّبناهُ، كما لو قال: لا أشتَهِي النَّظر إلى المستَحسَن.

فكأنَّه قَهَر نفسَهُ حتى نامَ بينها استسلامًا للهَلاكِ، لِظنِّهِ أنَّ هذا هو التَّوكُّل، وهذا الظَّنُّ خطأٌ؛ لأنَّه لو كانَ هذا التوكُّل ما نُهي عن مُقارَبَة ما يُخافُ شَرُّهُ، ولعلَّ السِّباعَ اشتغلَت عنهُ، فإنهُ قد كان أبو تُرابٍ النَّخْشَبِي مِن كِبارِ القوم، فلَقِيَتهُ السِّباعُ في البرِيَةِ فنَهَشَتهُ فمات (٢).


والأحاديث الصحيحة رقم (٧٨٣). وفي الباب عند مسلم رقم (٢٢٣١) من حديث عمرو بن الشريد الثقفي عن أبيه. وللنظر في معنى الحديث والجمع بينه وبين ما يوهم التعارض معه. انظر: تأويل مختلف الحديث ص ١٠٢ وفتح الباري ١٠/ ١٥٨ - ١٦٣.
(١) أخرجه أحمد في المسند ٢/ ٣٦٥ وابن عدي في الكامل في الضعفاء ١/ ٢٣١ والعقيلي في الضعفاء ١/ ٦٠ والمصنف في العلل المتناهية ٢/ ٨٩٤. جميعهم من طريق إبراهيم بن إسحاق ويقال له: إبراهيم بن الفضل المخزومي المدني: وقد ضعفه غير واحد من الأئمة. انظر: الميزان ١/ ١٩ وأورد الذهبي الحديث في ترجمته وقال: والخبر منكر.
وقال الخطابي في غريب الحديث ١/ ٦٩٩ مستشهدًا بهذا الحديث: وهذا خلاف قول من يزعم أن التوكل إنما هو في الاستسلام وترك الحذر والتوقي ولا يرى أن للأمور عللًا وأسبابًا قد تعبدنا الله بمراعاتها واستأثر بعلم الغيب فيها .. قال مطرف بن عبد الله بن الشخير: ليس ينبغي لأحدنا أن يصعد فوق بيت فيتردى منه ثم يقول: هكذا قضي عليَّ! ولكن يحترز ويحتاط فإن أصابه شيء علم أنه من قدر الله تعالى.
(٢) قتل السباع له ذكره: أبو عبد الرحمن السلمي في الطبقات ص ١٤٧ وأبو نعيم في الحلية ١٠/ ٤٩ و ٢٢٠ والخطيب في تاريخ بغداد ١٢/ ٣١٧ وابن عساكر في تاريخ دمشق ٤٠/ ٣٤١ - ٣٤٨ والمؤلف في صفة الصفوة ٤/ ١٧٤ والذهبي في السير ١١/ ٥٤٦.

<<  <   >  >>