للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقدْ أشارَ الحافظُ ابنُ حجرٍ «ت ٨٥٢ هـ» في الفتحِ إلى كلامِ الطَّبريِّ هذَا، ثمَّ لخَّصَ بعضَ كلامِهِ، فقالَ: «ثُمَّ ذَكَرَ فَصْلَاً فِي فَائِدَةِ تَتَبُّعِ طُرُقِ الحَدِيثِ … وَفِيهَا الاِطِّلَاعُ عَلَى عِلَّةِ الخَبَرِ بِانْكِشَافِ غَلَطِ الغَالِطِ، وَبَيَانِ تَدْلِيسِ المُدَلِّسِ، وَتَوصِيلِ المُعَنْعَنِ» (١).

٢ - وُرُودُ الحَدِيثِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى غَيرِ مُدَلَّسَةٍ بِصِيغَةِ التَّحْدِيثِ: وكلامُ ابنِ حجرٍ السَّابقُ في فوائدِ تتبُّعِ طرقِ الحديثِ بتوصيلِ المعنعنِ جليٌّ، وقالَ السُّيوطيُّ «ت ٩١١ هـ» في معرضِ سردِهِ لفوائدِ المُستخرجاتِ: «وَمِنْهَا: أَنْ يُرْوَى فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُدَلِّسٍ بِالعَنْعَنَةِ، فَيَرْوِيهِ المُسْتَخْرِجُ بِالتَّصْرِيحِ بِالسَّمَاعِ» (٢).

٣ - فقدْ يروي المدلِّسُ الحديثَ متَّصلَ السَّماعِ بالعنعنةِ مرَّةً وبالتَّحديثِ أُخرى، ويُدركُ ذلكَ بمجيئِهِ منْ طريقٍ أُخرى، سواءٌ كانَ التَّصريحُ بالسَّماعِ مِنَ الرَّاوي نفسِهِ (٣) أو مِنْ غَيرِهِ ممَّنْ تابعَهُ على روايتِهِ، وعلى هذَا حملَ النَّوويُّ «ت ٦٧٦ هـ» أحاديثَ المدلِّسينَ في الصَّحيحينِ، فقالَ: «المُدَلِّسُ إِذَا قَالَ: «عَنْ»، لَا يُحْتَجُّ بِهِ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ سَمَاعُهُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وَإِنَّ مَا كَانَ فِي الصَّحِيحَينِ مِنْ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى ثُبُوتِ سَمَاعِهِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى» (٤).


(١) فتح الباري ١٠/ ٥٨٥.
(٢) تدريب الرَّاوي ١/ ١١٦.
(٣) قال العينيُّ «ت ٨٥٥ هـ»: «المدلِّس إذا صرَّح بالتَّحديث، وكان صدوقاً، زالت تهمة التَّدليس». فيُشترط في المدلِّس حتى يُقبل تصريحه من طريق أخرى أن يكون ثقة أو صدوقاً، وكذلك يُشترط فيمن صرَّح من الرُّواة غير المدلِّس بالتَّحديث من طريق أخرى أيضاً أن يكون كذلكَ. انظر عمدة القاري ٣/ ٤٨.
(٤) شرح النَّوويِّ على مسلم ١/ ٧٣. وانظر نقاش الزَّركشيِّ لكلام النَّوويِّ في نكته ٢/ ٩٣. وقال القاسميُّ «ت ١٣٣٢ هـ»: «وإيثار صاحب الصَّحيح طريق العنعنة لكونها على شرطه دون تلك». قواعد التحديث ١/ ١٣٢.

<<  <   >  >>