للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالتَّدليسِ، قالَ الإمامُ مسلمٌ «ت ٢٥٦ هـ»: «وَإِنَّمَا كَانَ تَفَقُّدُ مَنْ تَفَقَّدَ مِنْهُمْ سَمَاعَ رُوَاةِ الحَدِيثِ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُمْ، إِذَا كَانَ الرَّاوِي مِمَّنْ عُرِفَ بِالتَّدْلِيسِ فِي الحَدِيثِ وَشُهِرَ بِهِ، فَحِينَئِذٍ يَبْحَثُونَ عَنْ سَمَاعِهِ فِي رِوَايَتِهِ وَيَتَفَقَّدُونَ ذَلِكَ مِنْهُ كَي تَنْزَاحَ عَنْهُمْ عِلَّةُ التَّدْلِيسِ» (١).

والغرضُ مِنَ السَّبرِ يتحقَّقُ فيمَا يأتي:

١ - الحُكْمُ عَلَى الحَدِيثِ بِالتَّدْلِيسِ بِشَكْلٍ قَطْعِيٍّ: بالتأكُّدِ منْ خلالِ السَّبرِ منْ عدمِ وجودِ طريقٍ مُصرِّحةٍ بالسَّماعِ، أو باتِّفاقِ المتابعاتِ على الصِّيغةِ المحتمِلَةِ (٢)، أو باجتماعِ الرُّواةِ عنِ المدَّلسِ بصيغةِ التَّدليسِ. قالَ أبو العبَّاسِ الطَّبريُّ (٣) «ت ٣٣٥ هـ» في بيانِهِ لفوائدِ تحفُّظِ طُرقِ الأخبارِ: «وَفِيهِ أَنَّهُمْ إِذَا اسْتَقْصَوا فِي مَعْرِفَةِ طُرُقِ الخَبَرِ عَرَفُوا بِهِ غَلَطَ الغَالِطِ إِذَا غَلَطَ، وَمَيَّزُوا كَذِبَ المُدَلِّسِ وَتَدْلِيسَ المُدَلَّسِ، وَإِذَا لَمْ يَسْتَقْصِ المَرْءُ فِي طُرُقِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى طَرِيقٍ وَاحِدٍ كَانَ أَقَلَّ مَا يَلْزَمُهُ إِذَا دُلِّسَ عَلَيهِ فِي الرِّوَايَةِ أَنْ يَقُولَ: لَعَلَّهُ قَدْ رُوِيَ وَلَمْ أَسْتَقْصِ فِيهِ، فَرَجَعَ بِالَّلائِمَةِ وَالتَّقْصِيرِ عَلَى نَفْسِهِ» (٤).


(١) صحيح مسلم ١/ ٣٣.
(٢) فإذا كان المتابعون للرَّاوي غير مدلِّسين حملتِ العنعنةُ على التحديثِ، وإن كانت من مدلس.
(٣) أحمد بن أحمد الطبري، البغدادي، أبو العباس بن القاص، « … - ٣٣٥ هـ» - شيخ الشافعية في طبرستان، من كتبه: «أدب القاضي»، و «المواقيت»، و «فوائد حديث أبي عمير». انظر غنية الملتمس للخطيب ص ٩٢، والأعلام للزركلي ١/ ٩٠.
(٤) فوائد حديث أبي عمير ١/ ٣٤.

<<  <   >  >>