للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقدْ أوردَ النَّوويُّ «ت ٦٧٦ هـ» أمثلةً تدعمُ قولَهُ في شرحِهِ لصحيحِ مسلمٍ، فقالَ في حديثِ «وفدِ ثقيفٍ» (١): «قَولُهُ: «وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَحْيَى، وَإِسْمَاعِيلُ بنُ سَالِمٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا هُشَيمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ» ثُمَّ قَالَ مُسْلِمٌ بَعْدَ هَذَا: «قَالَ ابْنُ سَالِمٍ فِي رِوَايَتِهِ: حَدَّثَنَا هُشَيمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ هَذَا». فِيهِ فَائِدَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ دَقَائِقِ هَذَا العِلْمِ وَلَطَائِفِهِ … وَهِيَ أَنَّ هُشَيمَاً مُدَلِّسٌ، وَقَدْ قَالَ فِي الرِّوَايَةِ المُتَقَدِّمَةِ: عَنْ أَبِي بِشْرٍ، … فَبَيَّنَ مُسْلِمٌ أَنَّهُ ثَبَتَ سَمَاعُهُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ سَالِمٍ، فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ» (٢). وهذَا مثالُ التَّصريحِ بالسَّماعِ مِنَ الرَّاوي نفسِهِ.

وأمَّا التَّصريحِ بالسَّماعِ منْ راوٍ آخرَ، فمثالهُ حديثُ جريرٍ -رضي الله عنه- في مُبايعتِهِ للنَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- (٣)، قالَ النَّوويُّ «ت ٦٧٦ هـ»: «وَأَمَّا قَولُهُ - أي: مُسْلِمٌ - حَدَّثَنَا سُرَيجٌ وَيَعْقُوبُ، قَالَا: حَدَّثَنَا هُشَيمٌ، عَنْ سَيَّارٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَرِيرٍ. ثُمَّ قَالَ مُسْلِمٌ فِي آَخِرِهِ: قَالَ يَعْقُوبُ فِي رِوَايَتِهِ: حَدَّثَنَا سَيَّارٌ، فَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى لَطِيفَةٍ، وَهِيَ أَنَّ هُشَيمَاً مُدَلِّسٌ، وَقَدْ قَالَ: عَنْ سَيَّارٍ … ، فَرَوَى مِسْلِمٌ رَحِمَهُ اللهُ حَدِيثَهُ هَذَا عَنْ شَيخَينِ، وَهُمَا سُرَيجٌ وَيَعْقُوبُ، فَأمَّا سُرَيجٌ فَقَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيمٌ عَنْ سَيَّارٍ، وَأَمَّا يَعْقُوبُ فَقَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَيَّارٌ، فَبَيَّنَ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللهُ اخْتِلَافَ عِبَارَةِ الرِّوَايَتِينِ فِي نَقْلِهِمَا عِبَارَتَهُ، وَحَصَلَ مِنْهَا اِتِّصَالُ حَدِيثِهِ» (٤).


(١) انظر الحديث وكلام الإمام مسلم في صحيحه ١/ ٢٥٩/ ر ٣٢٨.
(٢) شرح النووي على مسلم ٤/ ١٠.
(٣) انظر الحديث وكلام الإمام مسلم في صحيحه ١/ ٧٥/ ر ٥٦.
(٤) شرح النووي على مسلم ٢/ ٤٠.

<<  <   >  >>