للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جمع الأمرين" (١). والمقصود بالضرورة هنا الحاجة كما سبق بيانه، وقد منع ابن قدامة صحة عقد فيه غرر لعدم الحاجة لهذا الغرر (٢)، ومنع صحة عقد آخر لأن الغرر الذي فيه يمكن التحرز منه (٣)، وقال النووي: " فأما ما تدعو إليه الحاجة ولا يمكن الاحتراز عنه كأساس الدار … ونحو ذلك فهذا يصح بيعه بالإجماع … قال العلماء مدار البطلان بسبب الغرر والصحة مع وجوده على ما ذكرناه، وهو أنه إذا دعت الحاجة إلى ارتكاب الغرر ولا يمكن الاحتراز عنه إلا بمشقة أو كان الغرر حقيرًا، جاز البيع، وإلا فلا" (٤).

والحاجة هي التي يفتقر إليها من "حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج والمشقة اللاحقة بفوت المطلوب، فإذا لم تراع دخل على المكلفين- على الجملة- الحرج والمشقة، ولكنه لا يبلغ مبلغ الفساد العادي المتوقع في المصالح العامة" (٥).

ويشترط للحاجة أن تكون متعينة، وأن تقدر بقدرها (٦)، فإذا "لم يجدوا إلى طلب الحلال سبيلًا، فلهم أن يأخذوا منه-أي الحرام- قدر الحاجة" (٧).

وقد قرر الجويني قاعدة؛ وهي: أن"الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة الخاصة" (٨)، ثم ذكرها كثير من المؤلفين بعده، ويتم الاستدلال بها كثيرًا في النوازل المعاصرة، خاصة في نوازل المعاملات المالية، وقبل الاستدلال بها نحتاج إلى مراعاة الأمور التالية:


(١) بداية المجتهد، لابن رشد ٣/ ١٧٥.
(٢) انظر: المغني، لابن قدامة ٤/ ٢١٢.
(٣) المرجع السابق ٥/ ٣٠١.
(٤) المجموع، للنووي ٩/ ٢٥٨.
(٥) الموافقات، للشاطبي ٢/ ٢١.
(٦) انظر: الغرر وأثره في العقود في الفقه الإسلامي، للصديق الضرير، ص ٦٠٥ - ٦٠٧.
(٧) غياث الأمم في التياث الظلم، للجويني، ص ٤٧٨.
(٨) البرهان، للجويني ٢/ ٨٢.

<<  <   >  >>