فصل فِي دَلَائِل أَعْرَاض الحميات إعلم أَن مَأْخَذ دَلَائِل الحميات هُوَ من التَّدْبِير الْمُتَقَدّم وَأَنه كَيفَ كَانَ وَمن الْأَحْوَال والأعراض الْحَاضِرَة مِمَّا نذكرها وَمن الْبلدَانِ والفصول وَمن السن والمزاج وَمن النبض وَالْبَوْل والقيء وَالْبرَاز والرعاف وَمن حَال الْحمى فِي النافض والعرق وَكَيْفِيَّة الْحَرَارَة وَمن النوائب وَمن حَال الشَّهْوَة والعطش وَمن حَال التنفس وَمن المقارنات مثل: الصداع والسهر والهذيان والقلق وَغير ذَلِك فَإِن للحمّيات أعراضاً مِنْهَا تستدل على أحوالها فَمِنْهَا: أَعْرَاض تدل على عظمها وصغرها مثل: كَيْفيَّة الْحَرَارَة وكميتها فَمِنْهَا مَا يكون لذّاعاً شَدِيدا من أول مَا يَأْخُذ إِلَى آخِره وَمِنْهَا مَا يلذع أَولا ثمَّ يخور لتحلل الْمَادَّة وتلين وَمِنْهَا مَا لَا يلذع وَمِنْهَا مَا حرارته رطبَة وَمِنْهَا مَا حرارته يابسة. وأعراض تدل على جِنْسهَا كالأعراض الخاصية بالغب مثل: ابْتِدَاء النّوبَة بنخس وقشعريرة ولذع الْحَرَارَة فِيهِ. وأعراض تدلّ على خبثها مثل: القلق والهذيان والسهر وأعراض تدلّ على النضج وَغير النضج مثل مَا نذْكر من أَحْوَال الْبَوْل وأعراض تدلّ على البحران سنذكرها وأعراض تدلّ على السَّلامَة أَو ضدها وَسَنذكر جَمِيع ذَلِك. وللسخنة أَحْكَام كَثِيرَة مثل: مَا يتَغَيَّر لَونه إِلَى الرصاصية من بَيَاض وخضرة فَيدل على برودة الأخلاط وَقْفَة الْحَار الغريزي أَو إِلَى التهيج والانتفاخ كَمَا يعرض لمن سَبَب حمّياته تخمة وَمثل سرعَة ضمور الْوَجْه وانخراطه ودقة الْأنف فَيدل إِمَّا على شدَّة الْحَرَارَة وَإِمَّا على رقة الأخلاط وَسُرْعَة تحللها لسعة المسام وللحركات فِي نَفسهَا وخروجها عَن الْعَادة أَو سُقُوطهَا دَلَائِل وَلَا شَيْئا آخر مِمَّا سَنذكرُهُ. وَمن أَعْرَاض الحمّيات مَا وقته الْمُنْتَهى مثل: الهذيان واختلاط الذِّهْن لتلهّب الرَّأْس وَمِنْهَا مَا وقته الِابْتِدَاء مثل القشعريرة وَالْبرد وَمثل السبات الَّذِي يلْحق أَكثر أَوَائِل الحميات لضعف الدِّمَاغ وميل الْحَرَارَة إِلَى الْبَاطِن وَلأَجل خبث الْمَادَّة وَكَثْرَة بخارات تتصعّد عَن الِاضْطِرَاب الْمُبْتَدِي فِي الْبدن إِلَى أَن يحلّلها الاشتعال ويعين ذَلِك برد الدِّمَاغ فِي نَفسه وَبرد الْخَلْط الَّذِي يُرِيد أَن يعفن ويسخن والأشياء الَّتِي يتعرّف مِنْهَا حَال الحمّى وَأَنَّهَا من أَي صنف هِيَ حَال الْحمى فِي حدّتها أَو لينها وَحَال الحمّى فِي وُقُوعهَا عَن الْأَسْبَاب الْبَادِيَة أَو السَّابِقَة على الشَّرْط الْمَذْكُور وَحَال الْحمى فِي لُزُومهَا وإقلاعها وفتراتها وَحَال الْحمى فِي أَخذهَا بنافض وَبرد وقشعريرة أَو خلَافهَا. وَمَتى كَانَ مَا كَانَ مِنْهُ وَحَال الحمّى فِي تَركهَا بعرق كثير وَقَلِيل أَو خِلَافه وَحَال سالف التَّدْبِير وَالسّن والسخنة وَالزَّمَان والصناعة وَحَال النبض وَالْبَوْل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute