فصل كَلَام فِي النافض وَالْبرد والقشعريرة والتكسر القشعريرة: هِيَ حَالَة يجد الْبدن فِيهَا اخْتِلَافا فِي برد ونخس فِي الْجلد والعضل ويتقدّمها التكسّر. وَكَأن التكسّر ضَعِيف مِنْهَا وَأما الْبرد فَهُوَ أَن يحسّ فِي أَعْضَائِهِ ومتون عضله بردا صرفا وَأما النافض فَهُوَ أَن لَا يملك أعضاءه عَن اهتزاز وارتعاد يَقع فِيهَا وحركات غير إرادية وَرُبمَا كَانَ برد قوي وَلم يكن نافض قوي مثل حميات البلغم وَالرّبع. وَمن أَسبَاب اشتداد النافض شدَّة الْقُوَّة الدافعة الَّتِي فِي العضل وَلذَلِك كلما كَانَ السَّبَب المنفض ألزج كَانَ النافض أَشد وَالدَّم يغور مَعَ النافض إِلَى دَاخل. وَاعْلَم أَن الْخَلْط الْبَارِد يكون سَاكِنا قد أَلفه الْعُضْو الَّذِي هُوَ فِيهِ وَاسْتقر انفعاله عَنهُ فَلَا يحس برده. فَإِذا تحرّك وتبدّد تبدداً كثيرا أَو قَلِيلا بِسَبَب من الْأَسْبَاب من حرارة مفرقة أَو غير ذَلِك انفعل عَنهُ الْعُضْو الَّذِي كَانَ غير ملاق لَهُ وأحس بِبرْدِهِ بِسَبَب المزاج الْمُخْتَلف. وَقد علمت فِي الْأُصُول الْكُلية من علم الطِّبّ. وَكَثِيرًا مَا يعرض عَن البلغم الزجاجي الْمُنْتَشِر فِي الْبدن نافض لَا يُؤَدِّي إِلَى حمى وَرُبمَا كَانَ لَهُ أدوار وَلَا تكون قوته قُوَّة النافض الْمُؤَدِّي إِلَى الحمّى والمادة الَّتِي تفعل الإعياء بقلتها تفعل النافض بكثرتها قبل أَن تعفن فَإِن لم تعفن لم تُؤَد إِلَى الْحمى وَقد يعرض الْبرد والنافض لغور الْحَرَارَة بِسَبَب الْغذَاء وَمَا يُشبههُ. والنافض وَالْبرد يتَقَدَّم الحميات لِأَن الْخَلْط الخام ينصب إِلَى العضل أَولا وَهُوَ مؤذ بِبرْدِهِ بِالْقِيَاسِ إِلَى العضل ثمَّ إِذا أَخذ يعفن أَخذ فِي السخن وَقد يتَقَدَّم النافض الحميات للذع الْخَلْط وَقُوَّة الْقُوَّة الدافعة الَّتِي فِي العضل كَمَا ينتفض الْإِنْسَان من صب المَاء الْحَار جدا على جلده وخصوصاً إِذا كَانَ مالحاً وَرُبمَا صَار أَذَى مَا يلذع سَببا لهرب الْحَار الغريزي إِلَى بَاطِن ويستولي الْبرد فَيكون مَعَ لذع الْحَار برد كَأَن الْبرد يشْتَمل. واللذع الْحَار عِنْد الغشاء وَالْبَاطِن. وَقد يَقع النافض لهرب الْحَرَارَة إِلَى الْبَاطِن كَمَا يكون فِي الأورام الْبَاطِنَة وَرُبمَا دلّ النافض والقشعريرة على الْبُرْء فِي الحمّيات اللَّازِمَة لِأَنَّهُ يدل على أَن الْمَادَّة انتفضت من الْعُرُوق وَخرجت لكنه إِذا لم يكن مَعَ نضج وَفِي وَقت بحراني وَلم يتبعهُ خف دلّ على أَن انتفاض ذَلِك الْمِقْدَار لَيْسَ لِأَن الْقُوَّة غلبت بل لِأَن الْمَادَّة كَثِيرَة تفيض لكثرتها. وَمن النافض مَا يدلّ على الْمَوْت وَهُوَ الَّذِي يتبع ضعف الْقُوَّة وَسُقُوط الْحَار الغريزي وَالنَّفس. وَأما القشعريرة فَتكون من أَسبَاب أقل من أَسبَاب النافض وهيجان الدهش والدوار ينذر بدور والمشايخ تكون حمياتهم مدفونة وَرُبمَا كانالسبب فِي طول الْحمى غلظاً فِي الأحشاء فليستلق المحموم ولتمد رِجْلَاهُ ولتجس أحشاؤه وَإِذا اسود
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute