للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل فِي عَلَامَات اللَّازِمَة إِن الدائمة تكون اخْتِلَاف النبض الَّذِي بِحَسب الحمّى فِيهَا ظَاهرا جدا وَيكون فِي أَكْثَره غير ذِي نظم وَلَا وزن وتدوم الحمّى وَلَا تقلع بعد أَربع وَعشْرين سَاعَة وَلَا يصحبها مَا ذكرنَا من أَحْوَال المقلعة من تقدم النافض وَغَيره وَمِمَّا يدل عَلَيْهَا لُزُومهَا وَشدَّة اخْتِلَاف حَالهَا عِنْد التزيّد فتنقص مرّة وتشتد أُخْرَى. فصل فِي أُمُور تفترق بِبَعْضِهَا حمّيات العفونة وتشترك فِي بعض مَا كَانَ من الحمّى لعفونة الصَّفْرَاء فَتكون حركتها غبا سَوَاء كَانَت الْحَرَكَة ابْتِدَاء نوبَة أَو ابْتِدَاء اشتداد إِلَّا ضربا مِنْهَا يعرف بالمحرقة تخفي حركاتها جدا وَهِي: كاللازمة المطبقة والغبّ الصّرْف حادة للطافة الْمَادَّة وحرارتها عَظِيمَة لذّاعة لقُوَّة الْمرة لَكِنَّهَا سليمَة بِسَبَب أَن الصَّفْرَاء خَفِيفَة على الطبيعة وَلِأَنَّهَا تريح وَالْغِب الْغَيْر الْخَالِصَة أطول مُدَّة من الْخَالِصَة والخالصة قَلما تجَاوز تسع نَوَائِب إِلَّا عَن خطأ. والدائمة رُبمَا انْقَضتْ فِي أُسْبُوع وَمَا كَانَت من عفونة الدَّم فَإِنَّهَا دائمة لَازِمَة وحرارتها كَثِيرَة عَامَّة مَعَ لين لَيْسَ فِي لذع الصفراوية وَرُبمَا انْتَهَت فِي أَرْبَعَة أَيَّام وَأما البلغمية الْمُوَاظبَة كل يَوْم فَإِنَّهَا لينَة الْحَرَارَة بِالْقِيَاسِ إِلَى الصفراوية طَوِيلَة للزَّوْجَة الْمَادَّة وبردها وَكَثْرَتهَا عَظِيمَة الْخطر لِأَنَّهَا قَليلَة مُدَّة الإقلاع أَو التفتير وَلِأَنَّهَا تصْحَب فَسَادًا وضعفاً فِي فَم الْمعدة لَا بُد مِنْهُ وَذَلِكَ مِمَّا يجلب أعراضاً رَدِيئَة من الغشي والخفقان وَسُقُوط الشَّهْوَة. واللازمة مِنْهَا أشبه شَيْء بالدقّ لَوْلَا لين النبض على أَنه قد يصلب أَيْضا وَكلما كَانَت أقلّ خلوصاً كَانَت أقصر نوبَة إِلَّا أَن تميل بقلة خلاصها إِلَى السوداوية وَأما الرّبع فَإِنَّهَا غير حادة لبرد الْمَادَّة طَوِيلَة لذَلِك وَرُبمَا امتدت الْخَالِصَة مِنْهَا سنة وَغير الْخَالِصَة أقصر مُدَّة لَكِنَّهَا لَا خطر فِيهَا لِأَنَّهَا تريح مُدَّة طَوِيلَة وَلِأَنَّهَا لَيست من الحدة بِحَيْثُ تتبعها أَعْرَاض شَدِيدَة وَالرّبع والغبّ الدائمة والمفترة تَنْقَضِي بقيء أَو استطلاق أَو عرق أَو درور بَوْل. وَأما المحرقة فتنقضي بِمثل ذَلِك وبالرعاف وَاعْلَم أَن الِابْتِدَاء يطول فِي الغبّ والانتهاء فِي المطبقة والانحطاط فِي المحرقة والانتهاء والانحطاط فِي الْمُوَاظبَة على أَنه قَلما تُوجد ربع دائمة ومواظبة تَامَّة الإقلاع والحميات إِذا لم تعالج على مَا يَنْبَغِي وخصوصاً الورمية آلت إِلَى الذبول وخصوصاً فِي الحميات الحادة الَّتِي يجب أَن يغذى فِيهَا صَاحبهَا فَلَا يغذّى لغَرَض أَن تقبل الطبيعة على الْمَادَّة أَو يجب أَن يسقى المَاء الْبَارِد فَلَا يسقى لغَرَض أَن لَا يفحج وَلَا يتدارك بتطفية أُخْرَى فَإِنَّهُ إِذا كَانَ الْغَرَض الَّذِي سَنذكرُهُ فِي التغذية وَسقي المَاء الْبَارِد أقوى من الغرضين الْمَذْكُورين قدم عَلَيْهِمَا وأغفل مُرَاعَاة ذَيْنك الغرضين.

<<  <  ج: ص:  >  >>