حمى ويصحبها إعياء وتوصيم وكسل وتمطّ وتثاؤب واضطراب نوم وسهر وضيق نفس وتمدّد عروق وشراسيف وصداع وضربان رَأس فَإِذا طَالَتْ أوقعت فِي الحميات العفنية وأحدثت ضعفا وصفرة لون وَرُبمَا صحب المليلة الْمُتَقَدّمَة على الحمّيات كَثْرَة فضل ومخاط وغثيان وَبَوْل كثير وبراز كثير عفن وَثقل رَأس وتهيج ويعرض تَوَاتر فِي النبض لَا عَن سَبَب من خَارج من تَعب أَو غضب أَو غَيره وَإِذا عرض الانضغاط فِيهِ فقد جَاءَت النّوبَة والانضغاط غور من النبض وَصغر مُخْتَلف يَقع فِيهِ نبضات كبار قَوِيَّة وَلَا تكون سرعته قَوِيَّة. وَأما الِاخْتِلَاف فِي الِابْتِدَاء والتزيد فَهُوَ من خَواص دَلَائِل حمّى العفونة وَإِن كَانَ لَا يظْهر فِي الغبّ ظهوراً كثيرا لخفة مادته وَمن عَلَامَات أَن الْحمى عفنية خلو الدّور الأول من الْعرق والنداوة فَإِن اليومية بِخِلَاف ذَلِك وَإِن كَانَ الِابْتِدَاء فِي الغبّ لخفة الْمَذْكُورَة يشبه يومية لم ينْتَقل إِلَى العفونة وَأَن يكون تزيدها مختلطاً غير متناسب متشابه وَطول التزيد أَيْضا يدل على أَنَّهَا عفنية وازدياد النبض عظما على الِاسْتِمْرَار يدل على التزيّد. ثمَّ إِنَّهَا تكون إِمَّا مقلعة تبتدئ بنافض أَو قشعريرة وتترك فِي أَكثر الْأَمر بعرق أَو نداوة أَو تَدور بنوائب أَو تكون لَازِمَة مَعَ تفتير أَو غير تفتير لَا يشبه اليومية فِي النبض وَالْبَوْل وَتَمام النَّقَاء وَسُكُون الْأَعْرَاض وَأكْثر العفنية مَعهَا أَعْرَاض كَثِيرَة من عَطش وصداع وَسَوَاد لِسَان وخصوصاً عِنْد الْمُنْتَهى وَيكثر القلق من كرب واضطراب شَدِيد يُوجِبهُ مُقَابلَة الْمَادَّة وَالْقُوَّة فَتَارَة تستعلي الْمَادَّة وَتارَة تستعلي الْقُوَّة والنبض لذَلِك يكون تَارَة آخِذا إِلَى الْعظم وَالْقُوَّة وَتارَة إِلَى الصغر والضعف. وَأما الصلابة فقد تكون وَلَا يجب دَائِما أَن تكون إِلَّا أَن يكون مَعَ الْحمى ورم صلب فِي أَي عُضْو كَانَ أَو ورم فِي عُضْو صلب وَإِن لم يكن الورم صلباً أَو يكون قد اتّفق شرب مَاء بَارِد أَو شَيْء آخر مِمَّا يصلب الْبدن مِمَّا قيل فِي كتاب النبض. وَأما الِاخْتِلَاف فِي الِابْتِدَاء والتزيد فَهُوَ من الْخَواص بالحمى العفنة وَمن دلائلها الْقُوَّة وَإِن كَانَ لَا يظْهر فِي الغب كثيرا لخفة مادته وَمَا لم يصر النبض قَوِيا وَلم يسْرع السرعة الْمَذْكُورَة فالحمّى بعد يومية لم تنْتَقل إِلَى العفونة وَيكون الْبَوْل فِي الِابْتِدَاء غير نضيج أَو قَلِيل النضج وَرُبمَا كَانَ حاداً جدا. وَاعْلَم أَن الحميات الحادة المزمنة الْمهْلكَة قَلما يتَخَلَّص عَنْهَا إِلَّا بزمانة عُضْو وَإِذا بقيت الْحمى بعد سُكُون الورم فِي ذَات الْجنب وَنَحْوه فَاعْلَم أَن بَقِيَّة الْمَادَّة بَاقِيَة وَأَن الْمَادَّة قد مَالَتْ إِلَى حَيْثُ يظْهر وجع.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute