للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثارات عثمان! إنّا لله وإنّا إليه راجعون. أفيتت نفسه وطلّ دمه في حرم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ومنع من دفنه؛ ولو «١» يشاء لامتنع ووجد من الله تعالى حاكما، ومن المسلمين ناصرا، ومن المهاجرين شاهدا، حتى يفيء إلى الحقّ من شذّ عنه أو تطيح هامات وتفرى غلاصم وتخاض دماء؛ ولكن استوحش مما أنستم به، واستوخم ما استمرأتموه. يا من استحلّ حرم الله ورسوله واستباح حماه، لقد نقمتم عليه أقلّ مما أتيتم إليه، فراجع ولم تراجعوه «٢» ، واستقال فلم تقيلوه، رحمة الله عليك يا أبتاه، احتسبت نفسك وصبرت لأمر ربك حتى لحقت به، وهؤلاء الآن قد ظهر منهم تراوض الباطل، وإذكاء الشنآن، وكوامن الأحقاد، وإدراك الإحن والأوتار، وبذلك وشيكا كان كيدهم وتبغّيهم، وسعي بعضهم ببعض، فما أقالوا عاثرا، ولا استعتبوا مذنبا، حتى اتخذوا ذلك سببا إلى سفك الدماء وإباحة الحمى، وجعلوا سبيلا إلى البأساء والعنت، فهلّا علت كلمتكم وظهرت حسكتكم إذ ابن الخطاب قائم على رؤوسكم، ماثل في عرصاتكم، يرعد ويبرق بإرعابكم، يقمعكم غير حذر من تراجعكم الأمانيّ بينكم، وهلّا نقمتم عليه عودا وبدءا إذ ملك ويملك عليكم من ليس فيكم بالخلق اللّين والمنظر الفضيل «٣» ، يسعى عليكم وينصب لكم، لا تنكرون ذلك منه خوفا من سطوته، وحذرا من شدّته، أن يهتف بكم متقسورا أو يصرخ بكم مغذمرا، إن قال صدّقتم قالته، وإن سأل بذلتم سألته؛ يحكم في رقابكم وأموالكم كأنكم عجائز صلع وإماء قطع، فبدأ معلنا لابن أبي قحافة بإرث نبيكم على بعد رحمه وضيق بلده، وقلّة عدده. فوقى الله شرّها.

زعم لله دره ما أعرفه بما صنع، أو لم يخصم الأنصار بقيس، ثم حكم بالطاعة لمولى أبي حذيفة، يتمايل بكم يمينا وشمالا، قد خطب عقولكم،

<<  <  ج: ص:  >  >>