للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخرجها من ذرّيته. فأخذها بحقها، وقام فيها بقسطها، لم يؤده ثقلها، ولم يبهظه حفظها، مشرّدا للكفر عن موطنه، ونافرا له عن وكره، ومثيرا له عن مجثمه، حتى فتح الله عزّ وجلّ على يديه أقطار البلاد، ونصر الله يقدمه، وملائكته تكنفه، وهو بالله تعالى معتصم وعليه متوكّل، حتى تأكّدت عرى الحقّ عليكم عقدا، واضمحلّت عرى الباطل عنكم حلّا، نوره في الدّجنّات ساطع، وضوؤه في الظلمات لامع، قاليا للدنيا إذ عرفها، لافظا لها إذ عجمها، وشانئا لها إذ سبرها، تخطبه ويقلاها، وتريده ويأباها، لا تطلب سواه بعلا، ولا تبغي سواه فحلا، أخبرها أنّ التي يطلب ويخطب أرغد منها عيشا، وأنضر منها حبورا، وأدوم منها سرورا، وأبقى منها خلودا، وأطول منها أياما، وأغدق منها أنهارا، وأنعت منها جمالا، وأتمّ بلهنية، وأعذب منها رفاهية «١» ، فبشعت نفسه بذلك لعادتها، واقشعرّت لمخالفتها، فعركها بالعزم الشديد حتى أجابت، وبالرأي الجليد حتى انقادت. وأقام فيها دعائم الإسلام، وقواعد السنة الجارية، ورواسي الآثار الماضية، وأعلام أخبار النبوّة الطاهرة، وظلّ خميصا من بهجتها، قاليا لإتائها، لا يرغب في زبرجها، ولا يطمح إلى جدتها، حتى دعي فأجاب، ونودي فأطاع على تلك الحال، فاحتذى في الناس بأخيه، فأخرجها من نسله، وصيّرها شورى بين إخوته، فبأيّ أفعاله تتعلقون؟ وبأيّ مذاهبه تتمسكون؟ أبطرائقه القويمة في حياته أم بعدله فيكم عند مماته؟ ألهمنا الله وإيّاكم طاعته، وإذا شئتم ففي حفظ الله «٢» وكلاءته.

[٦٣٤]- لما قتل عثمان بن عفان رحمة الله عليه صاحت ابنته عائشة: يا


[٦٣٤] بلاغات النساء: ٧٢ ونثر الدر ٤: ٣٣- ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>