كهولهم خير الكهول ونسلهم ... إذا عدّ نسل لا يبور ولا يخزى
«٦٣٣» - خطبت حفصة بنت عمر رضوان الله عليها فقالت:
الحمد لله الذي لا نظير له، الفرد الذي لا شريك له. وأما بعد: فكلّ العجب من قوم زيّن لهم الشيطان أفعالهم «١» وارعوى إلى صنيعهم، ودبّ إلى الفتنة لهم، ونصب حبائله فختلهم، حتى همّ عدوّ الله بإحياء البدعة ونشر «٢» الفتنة، وتجديد الجور بعد دروسه، وإظهاره بعد دثوره، وإراقة الدماء، وإباحة الحمى، وانتهاك محارم الله عزّ وجلّ بعد تحصينها، فتضرّم «٣» وهاج وتوغّر وثار غضبا لله عزّ وجلّ ونصرة لدين الله، فخسأ «٤» الشيطان ووقم كيده، وكفّ إرادته، وقدع محنته، وأصعر خدّه، لسبقه إلى مشايعة أولى الناس بخلافة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، الماضي على سنته، المقتدي بدينه، المقتصّ لأثره، فلم يزل سراجه زاهرا، وضوؤه لامعا، ونوره ساطعا، له من الأفعال الغرر، ومن الآراء المصاص «٥» ، ومن التقدّم في طاعة الله تعالى اللباب، إلى أن قبضه الله تعالى إليه، قاليا لما خرج منه، شانئا لما ترك «٦» من أمره، شنفا لما كان فيه، صبّا إلى ما صار إليه، وائلا إلى ما دعي إليه، عاشقا لما هو فيه. فلما صار إلى التي وصفت، وعاين ما ذكرت، أومأ بها إلى أخيه في المعدلة، ونظيره في السيرة، وشقيقه في الديانة؛ ولو كان غير الله سبحانه أراد لأمالها إلى ابنه، ولصيّرها في عقبه، ولم