للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- وكذلك يصح الأمران إن كان الفاعل ظاهرًا، ومؤنثًا حقيقيًا غير مفصول، ولكن لا يراد به فرد معين، وإنما يراد به الجنس كله ممثلًا في الفاعل: فكأن الفاعل رمز لجنس معناه، أو مرادٌ به ذلك الجنس كله، ومنه "الفاعل" الذي فعله: "نعم" أو"بئس" أو أخواتهما١، فيجوز إثبات علامة التأنيث في العامل وحذفها: نحو: نعم الأم، ترعى أولادها، وتشرف على شئون بيتها ... فكلمة "الأم" هنا لا يراد بها واحدة معينة، وإنما يرمز بها إلى جنس الأم من غير تحديد ولا تخصيص، وهذا على اعتبار "أل" جنسية٢؛ فيجوز أن يقال: نعم الأم، ونعمت الأم٣.

٣- وكذلك إن كان الفاعل ظاهرًا ولكنه جمع تكسير للإناث، أو الذكور فيصح تأنيث العامل، وعدم تأنيثه؛ نحو: عرفت الفواطم طريق السداد، واتبعت الهنود سبل الرشاد، ويصح: عرف ... واتبع ... ؛ فالتأنيث على قصد تأويل الفاعل بالجماعة، أو الفئة، وعدم التأنيث على قصد تأويله بالجمع أو الفريق؛ فكأنك في الحالة الأولى تقول: عرفت جماعة الفواطم طريق السداد، واتبعت جماعة الهنود سبل الرشاد، وكأن: في الحالة الثانية تقول: عرف جميع الفواطم ٤ ... واتبع جمع الهنود ٤ ... فالتأنيث ملاحظ فيه معنى "الجماعة"، والتذكير ملاحظز فيه معنى " الجمع"، وكأن العامل مسند إلى هذه أو تلك؛ ويجري التأنيث أو التذكير على أحد الاعتبارين.

ومثل قولهم؛ إذا دعا البدوي استجاب سكان الحي لدعوته؛ فأسرع الرجال


١ في الجزء الثالث باب خاص بهما، وبألفاظ المدح والذم الأخرى.
٢ وليست للعهد، ومقتضى ذلك -كما قالوا، ونصوا على أنه لا بعد فيه- جواز الأمرين في مؤنث قصد به الجنس؛ نحو: صار المرأة متعلمة كالرجل. ومثل هذا: ما قام من امرأة؛ فيصح زيادة تاء التأنيث وعدم زيادتها؛ لأن "من" أفادت الجنسية، بخلاف ما قامت امرأة؛ لكون المراد بها الفرد، وإنما جاء العموم من النفي ...
٣ ليس من اللازم في هذه الصورة أن يكون الفاعل ظاهرًا، فقد يكون ضميرًا مفسرًا بنكرة بعده، نحو: نعم فتاة عائشة؟
٤-٤ وإنما صح حذف التاء من الفعل مع أن فاعله اسم ظاهر حقيقي التأنيث؛ لأن تأويله بمعنى " الجمع" جعله بمنزلة المذكر مجازًا؛ فأزال المجازي الطارئ ما كان يلاحظ لأجل التأنيث الحقيقي كما أزال التذكير الحقيقي في "رجال " في الصورة التالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>