فيلخص مما مر من الكلام على "غدوة وسحر" أنهما يجتمعان في الامتناع من الصرف، إذ أريدا من يوم بعينه، فأما "سحر"؛ فلأنه معدول عن الألف واللام. وأما غدوة فللعلمية والتأنيث، كما يجتمعان في أنهما كليهما من الظروف المتصرفة إذا لم يرادا من يوم بعينه.
ويفترقان في أن "سحر غير متصرف إذا أريد من يوم بعينه، فلا يرفع على الابتداء أو الخبر مثلًا، كأن تقول: سحر جميل، أو هذا سحر ولكنك تقول مثلًا: بين أسحار الأسبوع الماضي سحر جميل، بخلاف: غدوة، فإنها متصرفة، ولو أريدت من يوم بعينه، فتقول مثلًا: غدوة جميلة، كما تقول: كان بين غدا هذا الأسبوع غدوة جميلة.
وقال الأشموني: "الظرف المتصرف منه منصرف نحو. . . ومنه غير منصرف، وهو غدوة وبكرة، علمين لهذين الوقتين"، فقال الصبان: "قوله علمين لهذين الوقتين"، أي: علمين جنسيين، بمعنى أن الواضع وضعهما علمين جنسيين لهذين الوقتين، أعم من أن يكونا من يوم بعينه أولًا. ا. هـ.
وإنما أطلنا القول في "غدوة" و"سحر"، وأكثرنا من الأمثلة فيهما، لما يغشاهما من الإجمال والإبهام في كلام اللغويين والنحويين، حتى إن العلامة الصبان على جلال قدره أشكل عليه الأمر في "سحر"، وإليك البيان.
فقد قال الأشموني: والظرف غير المتصرف، منه منصرف وغير منصرف. فالمنصرف نحو: سحر، وليل، و. . . غير مقصود، بها كلها التعيين. ا. هـ.
فقال الصبان: فيه أن سحرًا. . . متصرفة، ومن خروج سحر عن الظرفية وشبهها قوله تعالى:{نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} ، فكيف جعلها من غير المتصرف. ا. هـ.
وقد مر بك رد العلامة الخضري عليه، "فراجعه في رقم٢ من هامش ص٥٤٨".
هـ- قد تقدم١ أنهم جوزوا أن يقال مثلًا: ما قابلته مذ أو منذ دهر، أو شهر، على أن يكون مذ أو منذ بمعنى من وإلى معًا؛ لأن الدهر والشهر في حكم المعدود.