للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما حدث كذا من اليوم إلى هذه الساعة١.

وقوله: "وتقول: ما رأيته مذ يومين. . . إلخ"، يريد قوله: "فجعلته غاية"، أي جعلت معنى: "مذ يومين" ابتداء الغاية لانقطاع الرؤية، وقوله: "ولم ترد منتهى"، يريد أنك أردت ابتداء الغاية وحدها، ولم تتعرض للمنتهي، ولكنا رأينا فيما سقناه آنفًا لمعنى هذا المثال أنه يتضمن ابتداء الغاية ومنتهاها.

وقوله: "ومذ غدوة إلى الساعة"، "مذ" فيه بمعنى "من"، فيجب أن يكون ما بعدها معرفة، فيتعين أن تكون "غدوة" هنا من يوم بعينه، ولإيضاح المقام تورد ما جاء في اللسان قال:

الغدوة: بالضم البكرة، ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس، وغدوة من يوم بعينه غير مجراه٢، علم للوقت. . . وفي التهذيب: وغدوة معرفة لا تصرف. قال النحويون: إنها لا تنون، ولا يدخل فيها الألف واللام. . . ويقال: أتيته غدوة، غير مصروفة؛ لأنها معرفة؛ مثل: سحر، إلا أنها من الظروف المتمكنة. تقول: سير على فرسك غدوة وغدوة وغدوة وغدوة، فما نون من هذه فهو نكرة، وما لم ينون فهو معرفة، والجمع غدًا٣. ا. هـ. ونحوه في الصحاح.

وإذا رجعنا إلى عبارة اللسان هذه نجده يقول: " ... لأنها "أي: غدوة" معرفة، مثل سحر، إلا أنها من الظروف المتمكنة"٤ ...


١ سبق أن "مذ ومنذ" يقعان حرفين بمعنى "في" إن كان المجرور "معرفة" حاضرًا، وقد مثل النحاة بنحو: ما رأيته مذ أو منذ يومنا، أو اليوم، فقد يتوهم من مثال سيبويه هذا أن "منذ" فيه بمعنى: "في"؛ لأن "أل" فيه تفيد الحضور. ولكن سيبويه لما أتى "بإلى" بعد "مذ" صار المعنى عليه: انقطع لقائي له من ابتداء هذا اليوم، واستمر هذا الانقطاع إلى وقت المتكلم، فالمضي في المثال واقع أما إذا قلتك ما لقيته مذ اليوم، أو يومنا، أو هذا اليوم، مثلًا، ولم تزد، فقد اعتبرت اليوم بأجمعه وقتًا حاضرًا، فتكون "مذ" بمعنى "في"، هذا ما ظهر لي. ا. هـ، تعليق الباحث.
٢ يعني أنها ممنوعة من الصرف، وهو تعبير قديم للنحويين، ولهذا الكلام صلة وثيقة بما قيل عنها في ص٢٦٠.
٣ قال في اللسان، والغداة كالغدوة، وجمعها غدوات. . . ويقال: آتيك غداة غد، والجمع الغدوات، مثل قطاة وقطوات. ا. هـ.
٤ راجع ما يتصل بالكلام على: "سحر" في ص٢٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>