للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيظهر على هذا أنه يجوز أن يقال أيضًا: ما قابلته مذ أو منذ زمن؛ لأن الدهر من معانيه الزمن، فقد جاء في المصباح: الدهر يطلق على الأبد، وقيل: هو الزمان قل أو كثر، وقال الأزهري: والدهر عند العرب يطلق على الزمان، وعلى الفصل من فصول السنة، وأقل من ذلك. ا. هـ.

ولكن بعض العلماء يعدون "الزمن" أو"الزمان" من المبهم، فقد جاء في حاشية العلامة الخضري على ابن عقيل ما يأتي؛ وشرط الزمان المجرور بهما كونه متعينًا لا مبهمًا، كمنذ زمن. ا. هـ، ولكن جاء في الأشموني أن "بعضهم يقول: مذ ١ زمن طويل"، فلعله يعتبر الوصف نوعًا من التعيين.

وكما يقال: مذ أو منذ دهر، يقال أيضًا: مذ أو منذ أدهر، أو دهور٢، ومذ أو منذ أزمن، أو أزمان، أو أزمنة قال: "وربع عفت آياته منذ أزمان"٣.

وكذا يقال: مذ أو منذ حقب، أو حقوب، أو حقب، أو حقب٤ أو حقاب، أو أحقاب إلى غير ذلك من كل متعدد لفظًا، أو ما هو في حكم المتعدد.

وليت شعري هل قال العرب مثلا: مذ أو منذ دهرين، أو زمنين، أو حقبين كما جمعوا، فقالوا: أحقاب وأزمان، مثلًا؟ الظاهر أنهم لم يقولون ذلك، اكتفاء بالجمع عند المبالغة، على أن تثنيته لا مانع منها صناعة.

و يظهر أن ابن هشام لا يشترط التعريف في مجرور "مذ" و"منذ"، إذا كانا بمعنى "من"، فيقول في التوضيح: "ومعنى مذ ومنذ ابتداء الغاية، إن كان الزمان ماضيًا، كقوله: "أقوين مذ حجج ومذ ذهر وقوله:

"وربع عفت آياته منذ أزمان"، فأقره شارحه الشيخ خالد بن عبد الله الأزهري، فقال بعد "أقوين إلخ": من حجج، وقال بعد: "وربع إلخ": أي: من أزمان".


١ بضم "مذ" في بعض اللغات، وإن لم يقع ساكن بعدها.
٢ قال في اللسان: وجمع الدهر أدهر، ودهور.
٣ قال الصبان: وقوله: "منذ أزمان"، قال قاسم: لعل هذا من العدد فيكون بمعنى "من" و"إلى" معًا. ا. هـ.
٤ قال في اللسان: والحقب الدهر، والأحقاب الدهور، وقوله تعالى: {أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً} : معناه سنة، وقيل: معناه سنين. ا. هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>