للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن الجبن جبنان، والشجاعة شجاعتان، وليست تكون الشجاعة إلا في كل أمر لا يدرى ما عاقبته، يخاطر فيه بالأنفس والأموال. فإذا أردت الحزم في ذلك فلا تشجِّعنَّ نفسك على أمرٍ أبداً إلا والذي ترجو من نفعه في العاقبة أعظم مما تبذل فيه في المستقبل، ثم يكون الرجاء في ذلك أغلب عليك من الخوف.

وها هنا موضعٌ يحتاج فيه إلى النظر: فإن كان ذلك أمراً واجباً في الدِّين، أو خوفاً لعارٍ تسبُّ به الأعقاب فأنت معذورٌ بالمخاطرة فيه بنفسك ومالك. وإن كان أمراً تعظم منفعته في الدنيا إلا أنك لا تناله إلا بالخطار بمهجة نفسك أو بتعريض كل مالك للتلف، فالإقدام على مثل هذا ليس بشجاعة، ولكن حماقةً بينةً عند الحكماء.

وقد قالت علماء أوائل الناس: لا يرسل السَّاق إلا ممسكاً ساقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>