للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فاجهد الجهد كله ألا تزال القلوب معلقةً منك برغبة أو رهبةٍ، في دينٍ أو دنيا.

واعلم أن السَّرف لا بقاء معه لكثير، ولا تثمير معه لقليل، ولا تصلح عليه دنيا ولا دين. وتأديب بما أدب الله تعالى به نبيه فقال: " ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً ".

وقالت الحكماء: " القصد أبقى للجمام ".

فداوم حالك وبقاء النعمة عليك، بتقديرك أمورك على قدر الزمان، وبقدر الإمكان؛ فقد قال الشاعر:

من سابق الدهر كبا كبوةً ... لم يستقلها من خطى الدهر

فاخط مع الدهر على ما خطا ... واجر مع الدهر كما يجري

واعلم أن الصمت في موضعه ربما كان أنفع من الإبلاغ بالمنطق في موضعه، وعند إصابة فرصته. وذاك صمتك عند من يعلم أنك لم تصمت عنه عياً ولا رهبة. فليزدك في الصمت رغبةً ما ترى من كثرة فضائح المتكلمين في غير الفرص، وهذر من أطلق لسانه بغير حاجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>