للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالوا: " لا تخرج الأمر كله من يدك وخذ بأحد جانبيه ". ثم الشجاعة والجبن في ذلك بقدر الحالات والأوقات.

واعلم أن أصل ما أنت مستظهر به على عدوك ثلاث خلال: أشرفها: أن تأخذ عليه بالفضل وتبتدئه بالحسنى، فتكون عليه رحمةً ولنفسك ناظراً؛ فإن كثرة الأعداء تنغيصٌ للسرور، وقد قال الله تبارك وتعالى: " ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوةٌ كأنه وليٌّ حميم ".

فإن كان عدوك مما لا يصلح على ذلك فحصن عنه أسرارك، وعم عليه آثار تدبيرك، ولا يطلعن على شيءٍ من مكايدتك له بقولٍ ولا فعل، فيأخذ حذره، ويعرف مواضع عوارك، فإنَّ تحصين الأسرار أخذٌ بأزمة التدبير، والإكثار من الوعيد للأعداء فشل. ولكن داج عدوك ما داجاك، وأحص معايبه ما لا حاك.

وقال الشاعر:

كلٌّ يداجى على البغضاء صاحبه ... زكنت منهم على مثل الذي زكنوا

<<  <  ج: ص:  >  >>