للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النفي المجرد المحض. وأما في القضايا التي ذكرنا آنفاً فإننا أوجبنا فيها الضحك لمن كان إنساناً، وأوجبنا للفرس نفي الإنسانية، وأوجبنا له بذلك شبهاً مع كل من ليس ضحاكاً في أنهم ليسوا ناساً. وكذلك أوجبنا لمن لم يؤمن ضد القبول، وهو التبرؤ، وأوجبنا ضد الإيمان، وهو الكفر للوثني. وقد قدمنا أن المعنى إذا أنحصر إلى شيئين فنفيت أحدهما فقد أوجبت الآخر ضرورة فاحفظ هذا وإذا نفيتهما معاً (١) فلم توجب شيئاً أصلاً، وإذا نفيت النفي فقد أوجبت ضرورة وإذا أوجبت النفي فقد نفيت بلا شك. فثقف هذا كله يثلج (٢) يقينك بصحة علمك.

٧ - باب من البرهان يؤخذ من نتيجة كذب بأن يصدق نفيها

اعلم أنه إذا كانت (٣) إحدى المقدمتين كذباً والأخرى صدقاً فأنتجت نتيجة كاذبة ظاهرة الكذب وكانت المقدمة الكاذبة مما رضيها خصمك سامحته في ذلك لتريه فحش إنتاجه (٤) ؛ فإن الشيء إذا كذب فنفيه حق لا شك في ذلك (٥) ، فإذا كذبت نتيجة ما فنفيها حق. فقد يصح أخذ البرهان على هذا الوجه صحة مطردة موثوقاً بها أبداً. مثال ذلك: إنسان (٦) خالفك فقال: العالم أزلي، فقلت له (٧) : أنا أسامحك في تقديم هذه المقدمة فأقول: العالم أزلي وأضيف إليها صحيحة أخرى (٨) وهي الأزلي ليس مؤلفاً فالنتيجة: العالم ليس مؤلفاً (٩) ، وهذا كذب ظاهر وإذا كان هذا كذباً فنقيضه حق، وهو العالم مؤلف، وإذا كان هذا حقاً وقد قدمنا أن الأزلي ليس مؤلفاً فقد صح أن العالم ليس أزلياً إذ هو مؤلف، وظهر كذب مقدمته، إذ قال: العالم


(١) معاً: سقطت من س.
(٢) يثلج: ينتج في س (دون إعجام) .
(٣) م: كان.
(٤) م: فسامحته فيها ... إنتاجها.
(٥) في ذلك: سقط من س.
(٦) م: كإنسان.
(٧) له: سقطت من م.
(٨) م: أخرى صحيحة.
(٩) م: فالعالم.

<<  <  ج: ص:  >  >>