للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا غلى (١) .

وقد غالط في هذا الباب قوم من المشغبين فقالوا: قد قطعتم بأن نافيتين لا تنتج إنتاجاً موثوقاً به، وأنتم في بعض هذه الأبواب التي خلت تنتجون إنتاجاً مطرداً من نافيتين، وفي هذا الباب أيضاً كقولكم (٢) من لم يكن ضحاكاً لم يكن إنساناً، والفرس ليس ضحاكاً، فالفرس ليس إنساناً. وتقولون: كل من لم يؤمن فليس مقبولاً من الله عز وجل، والوثني ليس مؤمناً (٣) ، فليس مقبولاً من الله عز وجل. فالجواب، وبالله تعالى التوفيق: إن النفي الذي أبعدنا إقامة البرهان المطرد منه هو (٤) كل نفي مجرد وهو كل نفي لم يوجب (٥) للمخبر عنه صفة أصلاً، فسواء إذا كان النفي بهذه الصفة أي بلفظ النفي أو بلفظ الإيجاب لا (٦) ينتج أبداً شيئاً، وسنذكر شيئاً من هذا في باب مفرد في هذا الديوان في ذكر مغالطات (٧) [٦١ظ] رامها بعض المغالطين في الأشكال، إن شاء الله عز وجل. وأما ما كان نفياً في اللفظ (٨) وهو يوجب معنى وصفة ما للمخبر عنه فهذا ليس نفياً ولكنه إيجاب صحيح، وإنما يراعى المعنى الذي يعطيه اللفظ لا صيغة اللفظ وحده. ومن هاهنا لم يلزمنا تشبيه الباري عز وجل في نفينا عنه أشياء هي أيضاً منفية (٩) عن كثير من خلقه إلا أن ذلك لم يوجب تشبيهه (١٠) تعالى كقولنا (١١) . إن الباري تعالى ليس جسماً، والعرض ليس جسماً، والباري تعالى ليس عرضاً، والجسم ليس عرضاً، لأنا في هذا النفي لم نثبت للباري حالاً يشترك فيها مع العرض إذ نفينا عنه الجسمية، ولا مع الجسم إذ نفينا عنه العرضية، وهذا هو


(١) فالتحريم ... غلى: سقط من م.
(٢) م: كقولك.
(٣) م: لم يؤمن.
(٤) هو: سقطت من س.
(٥) سقطت " لم " من س، وورد فيها " موجب " بدل " يوجب ".
(٦) س: فلا.
(٧) س: مخلطات.
(٨) م: وأما كل نفي في لفظه.
(٩) م: منتفية.
(١٠) م: شبهه.
(١١) زاد في م: بما انتفى عنه ما انتفى عن الباري تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>