للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثَّاني: - أنَّ يكونَ في مَحَلِّ الرَّفعِ، وهو مَذْهَبُ الأخفشِ، إلَّا أنَّ الضَّميرَ المَنصوبَ أُقيِمَ مقامَ المَرفوعِ، كما أُقيمَ المَرفوعُ مقامَ المَنصوبِ في رأيتَني أنا، ورأيتُنا نحن وإنَّما قالَ الشَّيخُ -رضي (١) اللَّهُ عنه-: وقَد رُوي فأكَّد لأنَّ في النَّحويين من يُجري هذا مُجرى الغَلَطِ وهو المُبرِّدُ، وَزَعَم أنَّ ذلك لم يأتِ عَن ثِقَةٍ (٢). والوَجْهُ لَولا أَنتَ ولَولا أنا، وعَلَيْهِ القرآنُ: {لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ}.

تَخميرٌ: فرقٌ بين العِلّةِ وبينَ الغَرَضِ فَعِلَّةُ الفِعلِ مُتَقَدَّمٌ وجُودُها على وُجودِ الفِعلِ، وهذا ضَروري بخلافِ الغَرَضِ فإنّه مُتَوَقّعٌ تَقولُ: جئتُك لِتُكرمني فإكرامُ المخاطَبِ إياه لِم يَكُن حالةَ المجيءِ مَوجودًا وإنّما هو مُتَوَقّعٌ فإذا عُرفَ (٣) هذا جِئنَا إلى ما نَحنُ بِصَددِهِ فقُلنا: قولُهم لولا أنت لِلْعِلّةِ ولولا تحتَمِلُ كلا الأمرين، والكاف فيه إما في مَحَلّ الجرّ وإما في مَحَلّ الرّفعِ قوله: إنَّ لِلَولا مع المُكنى حالًا يَعني لا يُستَبعَدُ أن يكونَ ما بعده لولا مَعَ المُظهَر مَرفوعًا، ومع المُضمَرِ مَجرورًا، كما أنَّ ما بعدَ "لَدُن" إذا كان غُدوةٌ فهو مَنصوبٌ، وإذا كان شيئًا آخر فهو مَجرورٌ. وأما أنا كأنت فنظيرُهُ قول المُتَكَلِّمِين: لَزِمَ أن يكون الشَّيءُ مع غَيره كهولا مع غَيره. عَسى: تُقام مَقام


(١) جملة الدّعاء في (ب).
(٢) ردّ كثير من العلماء على المبرّد، وقبل أن أورد إشارات إلى ردودهم عليه نشير إلى ما قاله هو في بعض مؤلفاته فقد جاء في كتابه: "المقتضب": ٣/ ٧٣: وكذلك قول الأخفش: وافق ضمير الخفض ضمير الرفع في لولاي فليس بشيء، وقال في كتاب الكامل: قال أبو العباس: والذي أقوله أنّ هذا خطأ لا يصلح إلّا أن تقول: لولا أنت كما قال اللَّه عزّ وجلّ {لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} … قال ومن خالفنا … يجيزه على بعده. وقد ردّ على المبرّد كثيرٌ من العلماء منهم ابن الشّجري في أماليه: ١/ ١٨١ وأبو علي الشلوبين، قال: اتفق أئمة البصريين والكوفيين كالخليل وسيبويه والكسائي والفراء على رواية لولاك عن العرب فإنكار المبرّد هذيان، وإن يكن يزيد بن الحكم لحانا كما قال فقد قال رؤبة … وأورد عددًا من الشواهد انظر التذييل والتكميل لأبي حيان: ٤/ ٧٣، والجنى الداني: ٥٤٦ وانظر ردّه الأندلسي في شرحه: ٢/ ٦٤، ٦٥، وكتاب الأصول لابن السراج: ٢/ ١٣٦.
(٣) في (ب) عرفنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>