للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه الاستثناءُ لا يصلُحُ فيه أن يكونَ إلّا صفةً، ولو قلتَ: جاءني رَجُلٌ إلَّا زيدٌ لم يجز، لأنَّه موضعٌ لا يصلُحُ فيه الاستِثنَاءُ، وهذا لأنَّ "إلَّا" في الاستثناءِ، فإذا نُقِل إلى غَيره من المعنى فإنَّه يجوزُ أن يكونَ فيه صورةُ الاستثناء مخفوضةٌ، ولذلك قُلنا: إذا قُلتَ: ما رأيتُ من أحدٍ إلَّا زيدٍ -بالجر- لم يَجُز، لأنّه إنما يمكنُ الوصفُ فيه أن لو أمكنَ الاستثناءُ، ولهذه المسألةِ نظيرٌ، وهو أنَّهم قالوا: النّسبةُ إلى الجَمعِ لا تجوزُ، لأنَّ المنسوبَ إليه في الحقيقةِ، إما الولدُ (١)، أو المولدُ، وذلك مفردٌ، فإذا نَسبتَ على المجازِ (٢) إلى غيرِ الولدِ والمولدِ فلا بُدَّ من أنَّ يُصانَ فيه صورةَ النِّسبَةِ، وذلك أن يكونَ المنسوبُ إليه مفردًا، وكذلك قالوا بأنه يَجوزُ تَرخيمُ الاسمِ في بابِ النِّداءِ، فإذا رُخِّمَ في غيرِ النِّداءِ ذلك الاسم فلا بُدَّ من أن يكونَ (٣) قابلًا للنداءِ، حتى أنَّه لو كان مُعَرَّفًا باللّام لم يَجُز تَرخيمُه، فعلى حَسبِ ذلك إذا قُلتَ: ما أتاني أحدٌ إلا زيدٌ فأنتَ بالخيارِ إن شئت جعلتَ إلا زيدًا مُستثنىً (٤)، وإن شئتَ جعلتَ إلّا زيدًا صفةً.

أمّا العلامةُ فقد قالَ النحّويون: آيةُ ذلك أن يكونَ ما بعدها تابعًا لما قبلها في الإِعرابِ كقولك: أتاني القومُ إلَّا زيدٌ، ورأيت القومَ إلّا زيدًا، ومررتُ بالقومِ إلّا زَيدٍ وأَنشدَ سيبويه (٥) لذِي الرُّمّةِ (٦):

أُنيخَت فَألفَت بَلدةً فوقَ بَلدةٍ … قَليلٌ بها الأَصواتُ إلا بَغَامُها (٧)


(١) في (ب) يجب.
(٢) في (ب) الوالد أو الولد.
(٣) في (ب) الجواز.
(٤) في (ب) أن يكون ذلك الاسم.
(٥) في (أ) استثناء.
(٦) الكتاب: ١/ ٣٧٠، وشرح السّيرافي: ١/ ٧٣، والنكت للأعلم: ٢٣٤.
(٧) ديوانه: ١٠٠٤ من قصيدة أولها:
مررنا على دار لميّة مرة … وجاراتها قد كاد يعفو مقامها
وانظر الشاهد في المقتضب: ٤/ ٤٠٩، وشرح ابن يعيش: ١/ ٩٣، وشرح الأندلسي: ١/ ٢٨٦ والأشموني: ٢/ ١٥٦، والخزانة: ٢/ ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>