للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإِمامُ عبدُ القاهر الجُرجاني: لا يجوزُ أن يكونَ الرّفعُ على البَدَلِ، لأنَّ البَدَلَ في الإِثباتِ لا يجوزُ، ألا تَرى أنَّك لا تقولُ: جاءَني القومُ إلا زيدًا، إن شئتَ فاستأنس بما ذكره ابنُ السِّراج (١) في الفرق بينَ إلّا بمعنى الاستثناء، وبين إلَّا بمعنى غَير. الذي له عِندي مايةٌ إلا درهمين فقد أقرَّ بثمانيةٍ وتسعين درهمًا، وإذا قال: له عندي ماية إلّا درهمان، فقد أقرَّ بماية، لأنَّ المعنى: له عِندي مايةٌ غيرُ درهمين.

قالَ جارُ اللَّه: ولا يجوزُ إجراؤُه مَجرى غيرِ إلا تابعًا، لو قلتَ: لو كان فيهما إلّا اللَّهُ، كما تَقولُ: لو كان فيهما غَيرُ اللَّهِ لم يَجز.

قالَ المشّرح: إلّا إذا أُجري مَجرى غيرِ فإنّه لا يجوزُ إلّا تابعًا، وهذا لأنَّ "إلَّا" مما لا عَرَاقَةَ له في الوَصفِ، فأمرُ وَصِفيَّته مع تَبَعِيّتِهِ أوضعُ، فإن سألتَ: هَبْ أنَّ "إلَّا" لا تَجري مجرى غيرِ إلَّا تابعًا، ولكنْ لِمَ لا يجوزُ {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ} وهذا لأنَّ الكلامَ غيرُ مُوجَبٍ لكونه مُصَدّرًا بالشرطِ، دَلّ عليه مسألةُ كتابِ الطَّلاقِ، إن خَرَجْتِ إلّا بملاءَةٍ فأنتِ طالقٌ، فمتَى خَرَجَتْ من غيرِ ملاءَةٍ حَنَثَ، ألا تَرى أنَّه لو لم يكُن غيرَ مُوجَبٍ لما جازَ فيه الاستثناءُ بدون المُستثنى منه؟ أجبتُ: بأنَّ إلَّا (٢) في هذا الكلام عندَ تركِ المُستثنى منه (٣) لا يَخلو من أن يكونَ الاستثناءُ أو الوصفُ، فلئن كانَ الاستثناءُ جاءَ (٤) ما ذكرتُهُ من الفَسَادِ المَعنَوِيّ، وهو أنَّه يُوهم أنَّه لو كانَ فيهما آلهةٌ غيرُ اللَّهِ مُستَثنى منها اللَّهُ لما فَسَدَتا، وإن كانت للوصفِ جاءَ ما ذكرتُه من الفَسَادِ اللَّفظِيّ، وذلك: [أنَّ رجوعَ "إلَّا"] (٥) إلى غيرِ أَصلٍ في


(١) لم أجد هذا النص في كتاب الأصول لابن السراج فربما أنه في كتاب له آخر وانظر الغرة لابن الدهان: ٢/ ٢١٩.
(٢) في (أ) لا.
(٣) في (ب).
(٤) في (ب).
(٥) ساقط من (أ) كتب في موضعه اللَّه.

<<  <  ج: ص:  >  >>