للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قلتَ: مررتُ بالقومِ إلَّا زَيدًا وزيدًا أيضًا لم يجز (١)، وكذلك إذا قلتَ: جاءني القومُ غيرُ أصحابِك على الوصفِ لم يكن الأصحابُ من جملةِ القومِ، وكانوا جَماعةً على حِدَةٍ، وإذا نَصبتَ على الاستثناء فالأصحابُ من جملةِ القومِ، ولأنَّ الصِّفةَ كما تَجوزُ في الجَمع تَجوزُ أيضًا في الواحدِ، والاستثناءُ لا يكونُ إلّا في بعض من كلٍّ، أَلَا تَرى أنَّك لو قُلتَ: عِندي دِرهَمٌ غيرُ زائفٍ، ودِرهَمٌ غيرُ جَيّدٍ لجازَ، ولو قلتَ: عِندي دِرهَمٌ إلا زائِفًا لم يَجُز، إذا قلتَ: مررتُ برجلٍ غيرِ زيدٍ، احتمل معنيين.

أحدُهما: أَنْ يكونَ الممرورُ به غيرَ زيدٍ.

الثاني: أَنْ يكونَ الممرورُ به غيرَ زيدٍ مع أنَّه لَيست له صِفَةُ زيدٍ، لأنَّ زَيدًا فَقيهٌ، والمَمرورَ به أَديبٌ، أو لأنَّ زيدًا عالِمٌ والممرورَ به جَاهِلٌ.

قالَ جارُ اللَّهِ: وفي قوله عزَّ وجَلَّ (٢): {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الرّفعُ صِفةٌ للقاعدين، والجرُّ صفةٌ للمُؤمِنِين والنَّصبُ على الاستثناءِ.

قالَ المشرّحُ: إذا جَعَلتَ الرَّفعَ صفةً للقاعِدِين (٣)، فمعناه: لا يَستوي القاعدون الأَصِحَّاءُ من المؤمنين والمُجاهدون، وإذا جعلتَهُ صفة للمؤمنين، فالمعنى: لا يَستوى القاعدون من المؤمنين [الأَصِحَّاءِ والمجاهدون، وإذا جعلتَه استثناءً فمعناه لا يَستَوي القاعِدُون من المؤمنين] (٤) والمجاهدين في سبيلِ اللَّهِ إلّا أولي الضَّرَرِ من القاعدين فإنَّهم لا يَستوون بالمُجاهدين.

قالَ جارُ اللَّهِ: ثم دَخَل على إلَّا في الاستثناءِ، وقد (٥) دَخَلَ عليه إلَّا


(١) في (ب) لما جاز.
(٢) سورة النساء: آية: ٩٥.
(٣) في (أ)، (ب) القاعدون.
(٤) ساقط من (أ).
(٥) في (أ) ثم دخل على إلّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>