للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وربِّ كلامٍ مرَّ فوقَ مَسَامِعِي … كما طَنَّ في لَوحِ الهَجيرِ ذُبابُ

والوجهُ فيه أنَّ إلّا في محلِّ النَّصبِ على الحالِ، أَلا تَرى أنَّك إذا قُلتَ: جاءني القومُ إلّا زيدًا، فمعناه: جاءَني القومُ مستثنًى منهم زيدٌ، ومُستثنًى منصوبٌ على الحالِ، وكذلك أنَّ قولَه (١):

...... ....... ...... … ......... ......... إلَّا الفَرقَدَانِ

بأنّ إلّا ها هنا صِفةٌ، والمعنى: كلُّ أخٍ غير الفرقَدَانِ مُفارقه أخوه، والحالُ والصِّفةُ يتآخيان، ونظيرُ هذه المسألة: الواوُ بمعنى مَع، فإن سَألتَ: فما تقولُ في قولهم: ما جاءني أحدٌ إلَّا زيدًا، فإنَّك لو جَعلت إلّا حالًا لزم أن يكونَ ذو الحال نكرةً؟ أجبتُ: ذو الحال قد يجيء نكرةً، ومنه قول مُحَمَّدٍ (٢) في كتابِ السَّرقةِ: "وإذا خرج جماعة (٣) ممتنعينَ"، وفي الحديثِ (٤): "فأتى (٥) فرسٌ سابِقًا له" فإن نصبَته فعلى الحالِ وإلّا فعلى الوَصف. فإن سألت: النَّحويُّون قد اتَّفقوا على أنَّ إعرابَ المُستثنى على البَدَلِ إذا لم تُعمِل فيه "إلّا"، وأنت قد جَعلتَ إعرابَه على الصّفةِ؟ أجبتُ: هما عبارتان مَحصُولُهما واحدٌ، والذي يدلك على أنَّهما ليسا بدلًا ومبدلًا أنَّ من شأن البدلِ والمبدلِ أن يَقَعَا معًا في كلامٍ إمَّا مُوجَبٍ، وإمَّا غيرِ مُوجَبٍ وأمَّا أن يقعَ أحدُهما في مُوجَبٍ والآخرُ في غيرِ مُوجَبٍ، أو على العكسِ فلا.

قالَ جارُ اللَّه: فصلٌ، وحكمُ غيرِ في الإِعرابِ حكمُ الاسمِ الواقعِ بعدَ إلَّا، تَنصِبُهُ في الموجَبِ المُنقطعِ، وعندَ التقديمِ، وتجيزُ فيه البَدَلَ (٦)


= مقابلة إجماعهم كطنين الذباب، ومن يتيمّم مع الماء الطهور بالتراب؟! ويميل إلى السراب مع السائغ من الشراب؟.
(١) سيأتي ذكره في متن المفصّل بعد قليل فانظر تخريجه هناك.
(٢) هو محمد بن الحسن الشيباني تقدم التعريف به.
(٣) في (ب).
(٤) أخرجه أبو داود من حديث ابن عمر رقم ٢٥٧٧.
(٥) في (ب) فأيّ.
(٦) في (ب) فقط الرفع.

<<  <  ج: ص:  >  >>