للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولَكن مَن رَحِمَهُ اللهُ فهو المَعْصُومُ. وعِندي أنَّ الاستثناءَ فيه مُتَّصِلٌ، لأنَّ المعنى: لا عاصِمَ اليومَ من أمرِ اللهِ إلَّا رحمةً من رحمةِ الله. فالرَّحمةُ مصدرٌ مضافٌ إلى المفعولِ، ثُمَّ حُذِفَ المُضافُ وأُقيمُ المُضَافُ إليه مَقَامَهُ.

قالَ جارُ اللهِ: وقولهم: ما زادَ إلَّا ما نَقَصَ، وما نَفَعَ إلَّا ما ضَرَّ.

قالَ المُشَرِّحُ: ما ها هنا هي المَصْدَرِيَّة، كأنَّه قِيلَ: هو على حالةٍ إلًا النقصانَ، ويُحتَمَلُ أن تكونَ ما صِلَةً، إلَّا بِمَعْنَى لَكِنْ، ويكون المَعنى: ما زادَ لَكِنْ نَقَصَ، كقوله تَعَالى (١): {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا}.

قَالَ جارُ الله (٢): والثَّانِي جائزٌ فيه النَّصبُ والبَدَلُ، وهو المُستَثنَى من كلامٍ غيرِ مُوجَبٍ كقولِكَ ما جاءَني من (٣) أحدٍ إلَّا زَيدًا، وإلَّا زيدٌ، وكذلك إذا كانَ المُستثنىَ مَجرورًا أو مَنصوبًا.

قال المشرّح: هذا هو الضربُ الثَّاني من الأضربِ الخَمسةِ، وهو ما إذا كانَ المُستثنى في كَلامٍ غيرِ موجَبٍ، وهو من جِنسِ المُستَثنى منه (٤) مؤخَّرًا عنه والكلامُ تامٌّ فإنَّه يجوزُ في المستثنى وجهان، وهو: النَّصبُ على الاستثناءِ وكذلك البَدَلُ.

قالَ جارُ اللهِ: والاختيارُ البدلُ قال اللهُ تعالى (٥): {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ}.

قالَ المُشَرِّحُ: البَدَلُ هو الفَصِيحُ. قال أبو سَعِيدٍ السِّيرافِيِّ: وإنما اختِيرَ البَدَلُ في هَذا لأنَّ البَدَلَ فيه والاستثناءَ من جِهَةِ المعنى، والمعنى واحدٌ، وفي البَدَلِ فضلُ مُوافقةِ ما قبلَ إلَّا لِمَا بَعْدَها وتقويةٌ. وفي قراءةِ


(١) سورة مريم: آية: ٦٢.
(٢) ساقط من (ب).
(٣) في (أ).
(٤) في (أ).
(٥) سورة النساء: آية: ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>