للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ المشرّحُ: تنكيرُ ذي الحالِ إذا كانَ مؤخرًا (١) عن الحالِ يجوزُ، لأنَّ تأخيرَه دليلٌ على أنّه لا شُبهَةَ فيه، وإن كانت فيه شُبهةٌ فهي ضَعيفةٌ بالإِضافة إلى الشُّبهةِ في الحالِ وهذا لأنَّه لو لم يكن كذلك لوقَع الابتداءُ بِذي الحالِ. "موحشًا" حالٌ، و "طلل قديم": ذُو الحالِ.

قالَ جارُ اللهِ: "والحالُ المؤكِّدةُ هي التي تَجِيءُ على إثرِ جُملةٍ عقدها من اسمين، لا عَمَلَ لها لتوكيدِ خبرِها وتقريرِ مؤدّاه، ونفي الشَّك عَنه، وذلك قولك: زَيدٌ أبوك عَطُوفًا، وهو زيدٌ مَعروفًا، وهو الحَقُّ بَيّنا، أَلا تَرى كيفَ حقّقتَ بالعطوفِ الأُبُوّةَ، والمعروفُ البَيِّنُ، أنَّ الرَّجُلَ زيدٌ وأن الأمرَ حقٌّ، وفي التَّنزيلِ (٢): {وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا}.

قالَ المشرّحُ: الحالُ المؤكدةُ، هي الحالُ الواقعةُ عن خبر المبتدأ لبيانِ كيفية أزليَّتِهِ نحو: زيدٌ أبوك عطوفًا، أَلا ترى أنَّ قولَك عطوفًا حالٌ عن قولك: "أَبوك"، "وأبوك" خبرُ المبتدأ الذي هو زيدٌ أنه لبيان كيفيَّتِهِ في أَزَلِيَّتِهِ، يريدُ: أنّه مُذ كان عَطُوفًا، بخلافِ هو زيدٍ قائمًا بالنّصبِ على الحالِ فإنّه خَطَأٌ، إذ لا فائدةَ فيه، لأنَّ الحالَ ها هنا تُوجِبُ أنه إذا كَانَ قائمًا فهو زيدٌ، وإذا تَرَكَ القيامَ فليس به، فأمَّا (٤) قولك: هو (٥) زيدٌ مَعرُوفًا فمعروفًا حالٌ، لأنَّه إنما يكونُ زيدًا بأنه يعرف بزيدٍ ففي الحالِ (٦) ها هنا فائدةٌ: كأَنَّكَ قلت: هو زيدٌ حقًّا، وكذلك قولك: هو الحقُّ بيّنًا، فبيّنًا حالٌ عن الحَقِّ الذي هو خبرُ المبتدأ، ولا يجوزُ هو الحقُّ بينٌ، كما جاز هذا الرَّجلُ منطلقٌ، لأنَّ الرجلَ جازَ أن يكونَ صفةً لهذا، ويكون منطلقًا خبرَه، ولا يجوزُ أن يكونَ


(١) في (ب) متأخر.
(٢) سورة البقرة: آية: ٩١.
(٣) في (أ) كيفيته.
(٤) في (ب) فأما.
(٥) في (ب).
(٦) في (أ) في الحال.

<<  <  ج: ص:  >  >>