ولم تزل حالته وبركته في زيادة إلى أن توفي سنة ٧٦٥، وسأله بعض الأخيار بمحضري عن الفرق بين مكاشفة المسلم ومكاشفة النصراني، لوجود ذلك من بعضهم، فقال: المسلم الذي له هذه الدرجة يبرئ من العاهة، والنصراني لا يبرئ، ثم قال: وهل يبرئ الفقيه من العاهة فقال له: نعم، ثم نظر يميناً وشمالاً، ليجد صاحب عاهة فيأتي بالعيان، فلم يجد أحداً، وكأنه اغتاظ لهذا السؤال، ثم أخرج يده وقال: يأتي لمن يقعد عن الحركة، فيحبسه بيده، ويقيمه وقد ذهب ألمه بعد أن جثا إلى الأرض في الصفة، ثم قال: وسئل بعضهم عن هذا، وكان السائل نصرانياً في زي المسلم، فقال له: الفرق بينهما سقوط الزنار من وسطك، قال: فسقط، وفضحه الله تعالى، وأسلم بسبب ذلك؛ انتهى كلام ابن قنفذ القسمطيني، رحمه الله تعالى.
وترجمة ولي الله تعالى سيدي الحاج ابن عاشر - نفعنا الله تعالى ببركاته - متسعة جداً، وكراماته ومناقبه لا نبلغ لها حداً، ولا نطيق لها عداً، وإنما ألمعنا بذكره قصداً للتبرك به، والله ولي التوفيق، وهوالهادي إلى سواء الطريق.
رجع إلى نظم لسان الدين ابن الخطيب رحمه الله تعالى، فنقول: ومن مداعباته رحمه الله تعالى قوله:
ومولع بالكتب يبتاعها ... بأرخص السوم وأغلاه
في نصف الاستذكار أعطيته ... مختصر العين فأرضاه ويعني بمختصر العين الزبيدي فافهم، وقال رحمه الله تعالى من قصيدة:
ووالله ما اعتل الأصيل، وإنما ... تعلم من شجوي فبان اعتلاله وهذا غاية في المنالغة وحسن التعليل.