قال ابن عرفة: ما أدركت مبرزاً في زماننا هذا إلا الشيخ أبا الحسن المنتصر وأحمد بن عاشر بسلا؛ انتهى.
وقال بلدينا أبوعبد الله ابن صعد التلمساني في كتابه " النجم الثاقب فيما لأولياء الله تعالى من المناقب ": كان أحد الأولياء الأبدال، معدوداً في كبار العلماء، مشهوراً بإجابة الدعاء، معروفاً بالكرامات، مقدماً في صدور الزهاد، منقطعاً عن الدنيا وأهلها، ولوكانوا من صالحي العباد، ملازماً للقبور في الخلاء المتصل ببحر مدينة سلا، منفرداً عن الخلق، لا يفكر في أمر الرزق، وله أخبار جليلة، وكرامات عجيبة مشهورة، ممن جمع له العلم والعمل، وألقي عليه القبول من الخلق، شديد الهيبة، عظيم الوقار، كثير الخشية، طويل التفكر والاعتبار، قصده أمير المؤمنين أبوعنان، وارتحل إليه عام سبعة وخمسين وسبعمائة، فوقف ببابه طويلاً، فلم يأذن له، وانصرف وقد امتلأ قلبه من حبه وإجلاله، ثم عاود الوقوف ببابه مراراً فما وصل إليه، فبعث له بعض أولاده بكتاب كتبه إليه يستعطفه لزيارته وورؤيته، فأجابه بما قطع رجاءه منه، وأيس من لقائه، واشتد حزنه، وقال: هذا ولي من أولياء الله تعالى حجبه الله عنا؛ انتهى.
ولما أجرى ذكره لسان الدين في " نفاضة الجراب " قال ما ملخصه: ولقيت من أولياء الله تعالى بسلا الولي الزاهد الكبير المنقطع القرين، فراراً عن زهرة الدنيا، وعزوفاً عنها، وإغفاء في الورع، وشهرة بالكشف، وإجابة الدعوة وظهور الكرامة، أبا العباس ابن عاشر، يسر الله تعالى لقاءه على تعذره لصعوبة تأتيه، وكثرة هيبته، قاعداً بين القبور في الخلاء، رث الهيئة، مطرق اللحظ، كثير الصمت، مفرط الانقباض والعزلة، قد فر من أهل الدنيا وتطارحهم، فهوشديد الاشمئزاز من قاصده، مجرمز للوثبة من طارقه، نفع الله تعالى به.
وقال ابن الخطيب القسمطيني الشهير بابن قنفذ: لقيته بسلا سنة ٧٦٣، وهوعلى أتم حال في الورع، والفرار من الامراء، والتمسك بالسنة، وهوالشيخ