للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قال: "وكلّ مكرهٍ ... إلى آخره" (١).

٩١٠١ - نذكر في هذا الفصل حكمَ الإكراه على الطلاق، والعتاق، والعقود، حتى إذا نجز وتفرّعت مسائله نختتم الفصل بالإكراه ومعناه، فنقول: طلاق المكره وعتاقه لا يقع إذا تحقق الإكراه، وأتى المكرَهُ بالطلاق على مقتضى الإكراه.

ولو جرى ما يكون إكراهاً، فطلق المكرَه على حسب الاستدعاء منه، وزعم أنه اختار إيقاع الطلاق، فيقع الطلاق [و] (٢) لا يمتنع أن يوافق قصدُه واختيارُه صورةَ الإكراه من المكرِه.

وإن أُجبر على أن يقول لامرأته: أنت طالق، فقال ما قال [وهو] (٣) مُجْبرٌ، ونوى تطليقها عن وِثاقٍ، لم يقع الطلاق.

وهذا نهاية التصوير في الإكراه؛ فإن اللاّفظ أتى بلفظه على مطابقة المجبِر للخلاص منه، ولم يأل جهداً في التغيير وصرف النية عن الفراق إلى غيره.

ولو أُجبر، فوافق، ولكنه لم ينو تطليقها عن وثاقٍ، وكان من الممكن أن ينوي ذلك، هل نحكم بوقوع الطلاق؟ ذكر القاضي وجهين: أحدهما - وهو اختيار القفال أن الطلاق يقع؛ لأنه كان متمكناً من أن يورِّي، ويضمر ما ذكرناه، فيكون بقصده حائداً عن الفراق، فإذا لم يفعل، جرّ هذا إليه حكمَ المختارين؛ من حيث لم [يستفرغ] (٤) وُسعه في الحَيْد عن الطلاق، وكان يقول: لو نوى الطلاق عن الوِثاق في حالة الاختيار، لم يقع الطلاق بينه وبين الله تعالى، ولكنه لا يصدّق إذا ادعى ما أضمره؛ من حيث إن الظاهر يكذّبه؛ فإنّ ذا الجدِّ لا يطلق لفظ الطلاق ومراده حلّ الوثاق، فإذا كان مكرهاً وأضمر حلَّ الوثاق، كان مصدَّقاً؛ لاقتران الإجبار بظاهر


(١) ر. المختصر: ٤/ ٨١.
(٢) زيادة اقتضاها إيضاح العبارة.
(٣) زيادة اقتضاها السياق.
(٤) في الأصل: يتفرع.