للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٩١٠٠ - والذي أختتم به هذا الفصل، وهو سرٌّ لطيف أنه إذا قال لامرأته: "أنت طالق، إن شاء الله" على الاتصال، فسنوضّح أن الطلاق لا يقع إذا أنشأ اللفظ على قصد الاستثناء، والشرطُ أن يكون الاستثناء متصلاً، والمنفصل منه لا يعمل، فهذا مما يراعى فيه الاتصال، ومما يعتبر فيه الاتصال أيضاًً الإيجاب والقبول، وما في اللفظ المحمول على التأكيد يشترط اتصاله بالمؤكَّد (١).

وأنا أقول: ليس اتصال المؤكِّد بالمؤكَّد والاستثناء بصدْر الكلام على مساق اتصال القبول بالإيجاب، بل يجب أن يكون اتصالُ كلام الشخص الواحد بكلامه أبلغ من اتصال القبول بالإيجاب، والمرعي في كل باب ما يليق به، فإذا انفصل القبول انفصالاً [يُخرجه] (٢) عن كونه جواباً، ويُشعر الفصلُ بإعراض القابل عن الجواب، فهذا هو القاطع، وبدون ذلك ينقطع الاستثناء عن صدر الكلام؛ فإنَّ تواصُلَ الكلام الواحد فوق اتصال جواب خطاب، ويشهد لهذا أن تخلل كلام بين الإيجاب والقبول لا يقطع على الرأي الأصح.

والذي أراه أن تخلل كلام بين الاستثناء والمستثنى عنه يقطع الاستثناء، حتى لو قال: أنت طالق -قم يا عبدُ- ثم قال: إن شاء الله، لم يعمل الاستثناء، وقياس التأكيد كقياس الاستثناء، وقد يرد على هذا أنه إذا قال: أنت طالق طالق أنت طالق، ثم قال: أردت التأكيد باللفظة الثالثة، فهذا مقبول، كما قدّمته، وقوله في اللفظة الثالثة: "أنت" كلام زائد، ولكنه في معناه التنبيه للتأكيد، وما كان كذلك لم يكن فاصلاً قاطعاً.

وإذا ذكرنا هذا تبين أن السكتات إذا تخللت واللفظ واحد، فينبغي أن تكون أقصر ما يُفرض بين الإيجاب والقبول، ولا يشترط أن يجمع المتكلم الكلام والاستثناء، والتأكيد والمؤكَّد في نفسٍ واحد. هذا نجاز ما أردناه.


(١) عبارة الأصل: " ... فهذا مما يراعى فيه الاتصال، ومما يعتبر فيه الاتصال أيضاًً الإيجاب والقبول، (وذلك الاتصال) وما في اللفظ المحمول على التأكيد يشترط اتصاله بالمؤكَّد" والتعديل بالحذف من المحقق.
(٢) في الأصل "يخرج".