للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا﴾ إنَّما غيَّرَ النَّظمَ - حيث لم يقل: وتلبسون حليةً - لتفاوت الحال؛ حيث كان الأوَّلُ سهلَ المأخذ دون الثَّاني، وفي زيادة السِّينِ نوعُ دلالةٍ إلى مزيد كلفةٍ في إخراجها.

وفي عبارةِ ﴿كُلٍّ﴾ (١) دلالة على أنَّ قوله تعالى: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ﴾ [الرحمن: ٢٢] على ظاهره.

ويجوز أن يكون وصفهما مِن تمامِ المثَلِ، وهو أنَّهما مشتركان في فوائدَ كثيرةٍ، كما أنَّ الكافرَ وإنْ كانَ المقصودُ من الإنسان فيه مفقودًا كالمقصود الأعظم من الماء في البحر الملح، ولكنْ قد يُشارِكُ المؤمنَ في فوائد دنيويَّة كالشَّجاعة والسَّخاوة وأمثالها (٢).

أو أنَّ (٣) الملحَ وإنْ لم يبقَ فيه خاصيَّةُ (٤) الماء، وفسدَ جوهرُه بما اختلطَ به وأبطلَ فطرتَه كالكافر، لكنَّه مُفضَّلٌ عليه بأنَّ فيه فوائدَ كثيرةً ومنافعَ جمَّةً، بخلاف الكافر فإنَّه لا خيرَ فيه ولا نفعَ، فيكون على طريقة قوله تعالى: ﴿فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ﴾ [البقرة: ٧٤] الآية.

﴿وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ﴾: في كلٍّ ﴿مَوَاخِرَ﴾: شواقَّ الماء بجريها.

﴿لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ﴾: مِن فضلِ اللّهِ بالنُّقلة فيها، وأُضْمِرَ للعلم به تعالى وتعيُّنِه، واللَّام متعلِّقةٌ بـ ﴿مَوَاخِرَ﴾، ويجوز أن تُعلَّق بما دلَّ عليه الأفعال المذكورة.


(١) في (ف): "عبارة النظم"، وفي (ك): "عبارته".
(٢) في (ك): "وأمثالهما".
(٣) في (ع) و (ف) و (ك): "وأن".
(٤) في (ف) و (م): "خاصة".