للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يكسبون، فنُصب ﴿السَّيِّئَاتِ﴾ مفعولًا به، والمراد: مكرات قريشٍ في دار النَّدوة، وقد مرَّ تفصيلُها في (الأنفال).

﴿لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ لا يؤبَهُ دونَه بما يمكرون به.

﴿وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ﴾ ﴿أُولَئِكَ﴾ إشارةٌ إلى ﴿وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ﴾ جِيءَ به للدِّلالةِ على عِظمِ مكرهِم، وأنَّه لخبثه أوجب فساده وعدم نفاذه.

وتوسيط ﴿هُوَ﴾ للحصر؛ أي: هو خاصَّةً يبور (١) ويفسد دون مكرِ اللّهُ تعالى بهم.

وكون الأمور مقدَّرةً لا تتغير (٢)، لا يصلحُ علَّةً لفساد مكرهم؛ لِمَا قرَّرناه في مواضعَ مِن أَنَّه لا تأثيرَ في التَّقدير كما زعمتْه الجبريَّة، ولا دلالةَ على ذلك في قوله:

(١١) - ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾.

﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ﴾ بخلقِ آدم من ﴿ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ﴾ بخلقِ ذرِّيَّته منها ﴿ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا﴾: أصنافًا ذكورًا (٣) وإناثًا.

﴿تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ﴾ في موضعِ الحال؛ أي: إلا معلومةً له.

لَمَّا أثبَتَ القدرةَ الكاملةَ والعِلمَ الشَّامل أرادَ إثباتَ القضاءِ والقدَرِ فقال:


(١) في (ف) و (م): "يبعد".
(٢) رد للبيضاوي. انظر: "تفسير البيضاوي" (٤/ ٢٥٥).
(٣) في (م): "وذكرانا".