للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هو خالقُ كلِّ شيءٍ، وإنَّما هو إلزامٌ لهم وتهكُّم بحالهم؛ ليتنبَّهوا على الخطأ المُفرِط والجهل المورِّط، وليعلموا أنَّ الإيثار يجب أن يكون للخير الزَّائد.

ثمَّ عدَّدَ الخيرات والمنافع التي هي آثار رحمته وفضله، فقال:

(٦٠) - ﴿أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ﴾.

﴿أَمَّنْ﴾: بل أمْ مَن (١) ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ تقريرٌ لهم بأنَّ مَن قدرَ على خلقِ العالم خيرٌ مِن جمادٍ لا يقدرُ على شيءٍ.

﴿وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾: مطرًا، وفي قوله: ﴿لَكُمْ﴾ تنبيهٌ على أنَّ الغيْثَ وإنْ لم يخلُ مِن الضَّرر (٢) إلَّا أنَّ المقصودَ مِن إنزالِه النَّفعُ.

﴿فَأَنْبَتْنَا﴾ صرفَ الكلام عن الغيبة إلى التَّكلُّم تأكيدًا لمعنى اختصاص الفعل بذاته، وإيذانًا (٣) بأنَّ إنبات الحدائق المختلفة الأصناف والألوان والطُّعوم والأشكال - مع حسنِها - بماءٍ واحدٍ لا يقدرُ عليه إلَّا هو وحدَه.

﴿بِهِ﴾؛ أي: بالماء.

﴿حَدَائِقَ﴾ الحديقةُ: البستانُ عليه حائطٌ، مِن الإحداق، وهو الإحاطة.

﴿ذَاتَ﴾ لم يقلْ: ذواتِ؛ لأنَّ المعنى: جماعةَ حدائقَ، كما تقول: النِّساء ذهبَتْ.

﴿بَهْجَةٍ﴾: حُسْنٍ؛ لأنَّ النَّاظرَ يبتهِجُ به، ثمَّ رشحَ معنى الاختصاص بقوله:


(١) في (ف) و (ك) و (ع): "بل أمن"، وفي (م): "بل من".
(٢) في (ك) و (م): "الضر" وفي (ي) و (ع): "الغيث".
(٣) في (ف) و (ك): "إيذانا"، والمثبت من باقي النسخ و"تفسير النسفي " (٢/ ٦١٥).